للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أَرَأَيْت لَوْ أَنَّ الثَّانِيَ عَجَّلَ فَوَصَلَ إلَى مَنَعَتِنَا قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ الْأَوَّلُ مِنْ مَنَعَةِ الْمُشْرِكِينَ أَلَمْ يَكُنْ آمِنًا؟ وَهُوَ أَوَّلُ رَجُلٍ وَصَلَ إلَى مَنَعَتِنَا، فَعَرَفْنَا أَنَّ الْمُعْتَبَرَ حَالُ الْوُصُولِ إلَى مَنَعَتِنَا، وَقَدْ وَصَلُوا إلَيْنَا مَعًا فَكَأَنَّهُمْ خَرَجُوا مَعًا فَكَانُوا آمِنِينَ.

فَإِنْ قِيلَ: إذَا خَرَجُوا مَعًا كَيْفَ يَثْبُتُ الْأَمَانُ لَهُمْ وَالنَّكِرَةُ فِي الْإِثْبَاتِ لَا تَعُمُّ؟ قُلْنَا: هَذِهِ نَكِرَةٌ مَوْصُوفَةٌ: بِصِفَةٍ عَامَّةٍ وَهِيَ الْخُرُوجُ إلَيْنَا، وَمِثْلُ هَذِهِ النَّكِرَةِ تَعُمُّ، كَالرَّجُلِ يَقُولُ: لَا أُكَلِّمُ إلَّا رَجُلًا عَالِمًا. وَلَكِنْ يَنْتَهِي شَرْطُ الْأَمَانِ بِوُصُولِ أَحَدِهِمْ إلَيْنَا قَبْلَ خُرُوجِ الْآخَرِينَ. فَإِذَا خَرَجُوا مَعًا كَانُوا آمِنِينَ لِهَذَا.

٥٧٨ - وَلَوْ كَانَ قَالَ: عَشَرَةٌ مِنْكُمْ آمِنُونَ عَلَى أَنْ تَفْتَحُوا الْبَابَ. فَقَالَ الْإِمَامُ: نَعَمْ. فَفَتَحُوا الْبَابَ فَعَشْرَةٌ مِنْهُمْ آمِنُونَ، وَالْخِيَارُ فِي تَعْيِينِهِمْ إلَى الْإِمَامِ.

لِأَنَّهُ مَا أَوْجَبَ الْأَمَانَ لِلْفَاتِحِينَ بِأَعْيَانِهِمْ، وَإِنَّمَا أَوْجَبَهُ لِعَشَرَةٍ مُنَكَّرَةٍ مِنْهُمْ. وَلَكِنَّ إيجَابَ الْأَمَانِ لِلْمَجْهُولِ يَصِحُّ مُنْجَزًا، وَكَذَلِكَ مُعَلَّقًا بِالشَّرْطِ ثُمَّ الْبَيَانُ يَكُونُ إلَى مَنْ أَوْجَبَ فِي الْمَجْهُولِ كَمَا فِي الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ

وَإِنَّمَا يَثْبُتُ الْأَمَانُ لِعَشَرَةٍ مِنْهُمْ بِغَيْرِ عِيَالٍ وَلَا مَالٍ، إلَّا مَا عَلَيْهِمْ مِنْ الْكِسْوَةِ وَالسِّلَاحِ اسْتِحْسَانًا.

؛ لِأَنَّ ثُبُوتَ الْأَمَانِ لَهُمْ بَعْدَ فَتْحِ الْبَابِ وَتَمَامِ الْقَهْرِ. وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ الْعِيَالَ لَا يَدْخُلُونَ فِي مِثْلِهِ.

<<  <   >  >>