وَإِنْ كَانُوا قَالُوا: عَشَرَةٌ مِنْ أَهْلِ حِصْنِنَا آمِنُونَ عَلَى أَنْ يُفْتَحَ لَكُمْ الْبَابُ. فَقَالَ الْإِمَامُ: نَعَمْ. فَلَهُ الْخِيَارُ، إنْ شَاءَ جَعَلَ الْعَشَرَةَ مِنْ نِسَائِهِمْ وَصِبْيَانِهِمْ وَإِنْ شَاءَ جَعَلَهُمْ مِنْ رِجَالِهِمْ.
لِأَنَّ اللَّفْظَ الَّذِي بِهِ طُلِبَ الْأَمَانُ يَتَنَاوَلُ الْكُلَّ، وَالْكُلُّ (ص ١٣٩) مِنْ أَهْلِ الْحِصْنِ. وَفِي الْأَوَّلِ إنَّمَا خَاطَبَ الرِّجَالَ. فَيَثْبُتُ الْأَمَانُ لِعَشَرَةٍ مِنْ الرِّجَالِ يُعَيِّنُهُمْ الْإِمَامُ.
٥٨٠ - وَيَنْبَغِي أَنْ يُحْتَاطَ لِلْمُسْلِمِينَ فِي ذَلِكَ، حَتَّى لَا يُخْتَارَ لِلْأَمَانِ مَنْ تَكُونُ مَنْفَعَةُ الْمُسْلِمِينَ فِي اسْتِرْقَاقِهِ أَقَلَّ؛ لِأَنَّهُ نُصِّبَ نَاظِرًا لَهُمْ
وَهَذَا بِخِلَافِ مَا سَبَقَ مِنْ قَوْلِهِ لِيَخْرُجْ إلَيْنَا أَرْبَعَةٌ مِنْكُمْ. وَقَوْلِهِ: لِيَخْرُجْ إلَيْنَا أَحَدٌ مِنْكُمْ؛ لِأَنَّ هُنَاكَ الْأَمَانَ إنَّمَا يَثْبُتُ لَهُمْ بَعْدَمَا وَصَلُوا إلَى مَنَعَتِنَا، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ لَوْ خَرَجَ وَحْدَهُ كَانَ آمِنًا. فَبِانْضِمَامِ غَيْرِهِ إلَيْهِ لَا يَبْطُلُ الْأَمَانُ. وَهَذَا الْأَمَانُ لِعَشَرَةٍ مِنْهُمْ بَعْدَ الْفَتْحِ وَهُمْ فِي الْحِصْنِ.
وَحَقِيقَةُ هَذَا الْفَرْقِ مَا ذَكَرْنَا أَنَّ النَّكِرَةَ هُنَا غَيْرُ مَوْصُوفَةٍ، وَهُنَاكَ النَّكِرَةُ مَوْصُوفَةٌ بِالْخُرُوجِ إلَيْنَا. أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ: إنْ رَمَى رَجُلٌ مِنْكُمْ بِنَفْسِهِ إلَيْنَا وَحْدَهُ كَانَ آمِنًا. فَرَمَى عَشَرَةٌ مَعًا كَانُوا آمِنِينَ؛ لِأَنَّ النَّكِرَةَ مَوْصُوفَةٌ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ لَوْ رَمَى بِنَفْسِهِ وَحْدَهُ كَانَ آمِنًا، فَبِانْضِمَامِ غَيْرِهِ إلَيْهِ لَا يَبْطُلُ حَقُّهُ.
٥٨١ - وَلَوْ قَالَ: لِيَخْرُجْ إلَيْنَا هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَةُ حَتَّى نُرَاوِضَهُمْ عَلَى الصُّلْحِ. فَخَرَجُوا، فَهُمْ آمِنُونَ، سَوَاءٌ قَالَ: وَهُمْ آمِنُونَ أَوْ لَمْ يَقُلْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute