للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لِأَنَّهُ دَعَاهُمْ إلَى الْخُرُوجِ لِطَلَبِ السِّلْمِ وَالْمُوَافَقَةِ، وَلِأَنَّ الْمُرَاوَضَةَ عَلَى الصُّلْحِ إنَّمَا تَتَأَتَّى مِمَّنْ كَانَ آمِنًا عَلَى نَفْسِهِ. فَهَذَا دَلِيلُ الْأَمَانِ لَهُمْ.

بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ لِأَرْبَعَةٍ مِنْهُمْ: اُخْرُجُوا إلَيْنَا. فَخَرَجُوا. فَإِنَّهُ يَكُونُ لَهُ أَنْ يَقْتُلَهُمْ.

لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي لَفْظِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى الْأَمَانِ أَوْ عَلَى الْخُرُوجِ عَلَى سَبِيلِ الْمُوَافَقَةِ، وَلَكِنَّ هَذَا طَلَبُ الْمُبَارَزَةِ. فَكَأَنَّهُ قَالَ: اُخْرُجُوا إلَيْنَا لِلْقِتَالِ إنْ كُنْتُمْ رِجَالًا.

٥٨٢ - وَلَوْ قَالَ: اُخْرُجُوا إلَيْنَا فَبِيعُوا وَاشْتَرُوا، كَانُوا آمِنِينَ؛ لِأَنَّ فِي كَلَامِهِ مَا دَلَّ عَلَى الْأَمَانِ وَالْخُرُوجِ إلَى الْمُوَافَقَةِ. فَالتِّجَارَةُ تَكُونُ عَنْ مُرَاضَاةٍ، وَإِنَّمَا يَتَمَكَّنُ مِنْهَا مَنْ يَكُونُ آمِنًا.

٥٨٣ - وَلَوْ قَالَ: لِيَخْرُجْ إلَيْنَا هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَةُ حَتَّى نُرَاوِضَهُمْ عَلَى الصُّلْحِ. فَخَرَجَ أَرْبَعَةٌ غَيْرُ أُولَئِكَ الْأَرْبَعَةِ، فَهُمْ فَيْءٌ لِلْمُسْلِمِينَ.

لِأَنَّ دَلَالَةَ الْأَمَانِ لَا تَكُونُ فَوْقَ التَّصْرِيحِ بِعَيْنِهِ.

٥٨٤ - وَلَوْ قَالَ لِأَرْبَعَةٍ بِأَعْيَانِهِمْ: أَمَّنْتُكُمْ، فَخَرَجَ غَيْرُهُمْ كَانُوا فَيْئًا.

٥٨٥ - وَإِنْ أَشْكَلَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فَلَمْ يَدْرُوا أَنَّهُمْ أُولَئِكَ الْأَرْبَعَةُ أَمْ غَيْرُهُمْ، فَإِنَّ الْإِمَامَ يَسْأَلُهُمْ عَنْ ذَلِكَ، فَإِنْ زَعَمُوا أَنَّهُمْ غَيْرُهُمْ، كَانُوا فَيْئًا لِإِقْرَارِهِمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِحَقِّ الِاسْتِرْقَاقِ. وَإِنْ زَعَمُوا أَنَّهُمْ أُولَئِكَ الْأَرْبَعَةُ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُمْ.

لِأَنَّ الظَّاهِرَ شَاهِدٌ لَهُمْ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَتَجَاسَرُ أَحَدٌ عَلَى الْخُرُوجِ إلَّا مَنْ أُومِنَ بِعَيْنِهِ.

<<  <   >  >>