فَإِنَّهُ إذَا قِيلَ هَذِهِ مَدِينَةٌ عَامِرَةٌ أَوْ قَلْعَةٌ حَصِينَةٌ يُفْهَمُ مِنْهُ عِمَارَتُهَا بِكَثْرَةِ أَهْلِهَا لَا بِجُدْرَانِهَا. أَرَأَيْت لَوْ قَالَ: آمِنُونِي عَلَى مَمْلَكَتِي عَلَى أَنْ أَفْتَحَ لَكُمْ الْقَلْعَةَ أَلَيْسَ يُفْهَمُ مِنْ هَذَا اللَّفْظِ جَمِيعَ مَا فِي مَمْلَكَتِهِ مِنْ النُّفُوسِ وَالْأَمْوَالِ؟ وَلِأَنَّ مَقْصُودَهُ أَنْ تَبْقَى لَهُ الْمَدِينَةُ وَالْقَلْعَةُ عَلَى مَا كَانَتْ مِنْ قَبْلُ، وَيَكُونُ هُوَ الْمُتَصَرِّفُ فِي أَهْلِهَا كَمَا كَانَ. وَإِنَّمَا يَحْصُلُ هَذَا الْمَقْصُودُ إذَا دَخَلُوا فِي الْأَمَانِ.
٦٥١ - وَلَوْ أَشْرَفَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْحِصْنِ فَقَالَ: أَفْتَحُ لَكُمْ عَلَى أَنْ تُؤَمِّنُونِي مِنْ مَالِي عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ. فَلَهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ مِنْ مَالِهِ بِطَرِيقِ الْأَمَانِ لَا بِطَرِيقِ الْعِوَضِ. كَمَا فِي قَوْلِهِ: عَلَى أَنْ تُؤَمِّنُونِي عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ مِنْ مَالِي.
إذْ التَّقْدِيمُ وَالتَّأْخِيرُ فِي هَذَا لَا يُوجِبُ اخْتِلَافَ الْمَعْنَى.
وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ.
فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُقَدِّمَ ذِكْرَ الْأَلْفِ عَلَى أَمَانِ نَفْسِهِ أَوْ يُؤَخِّرَهُ فِي أَنْ يَكُونَ عِوَضًا شَرَطَهُ عَلَيْهِمْ بِفَتْحِ الْبَابِ.
٦٥٢ - وَلَوْ قَالَ: أَفْتَحُ لَكُمْ عَلَى أَنْ تُؤَمِّنُونِي بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، كَانَ آمِنًا وَحْدَهُ. وَكَانَ عَلَيْهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ يَكْتَسِبُهَا فَيُؤَدِّيهَا.
لِأَنَّ جَمِيعَ مَالِهِ يَصِيرُ فَيْئًا بِفَتْحِ الْبَابِ لَوْ لَمْ يَقُلْ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَكَذَلِكَ إذَا قَالَ: بِأَلْفِ دِرْهَمٍ.
وَهَذَا لِأَنَّ حَرْفَ الْبَاءِ يَصْحَبُ الْأَعْوَاضَ. فَإِذَا وَصَلَ الْأَلْفَ بِأَمَانِ نَفْسِهِ بِحَرْفِ الْبَاءِ كَانَ ذَلِكَ تَنْصِيصًا عَلَى أَنَّ الْأَلْفَ عِوَضٌ عَنْ الْأَمَانِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute