وَالْأَمَانُ حَاصِلٌ لَهُ. فَكَانَ الْأَلْفُ عَلَيْهِ بِمَنْزِلَةِ مَنْ يَقُولُ لِغَيْرِهِ: وَهَبْت هَذِهِ الْعَيْنَ مِنْك عَلَى أَنْ تَبِيعَنِي جَارِيَتَك هَذِهِ بِمِائَةِ دِينَارٍ كَانَتْ الْمِائَةُ عِوَضًا عَنْ الْجَارِيَةِ.
٦٥٣ - وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: أَفْتَحُ لَكُمْ وَتُؤَمِّنُونِي بِأَلْفِ دِرْهَمٍ.
٦٥٤ - وَلَوْ قَالَ: أَفْتَحُ لَكُمْ عَلَى أَنْ تُؤَمِّنُونِي مِنْ مَالِي بِأَلْفِ دِرْهَمٍ.
فَالْأَلْفُ عِوَضٌ عَنْ أَمَانِهِ أَيْضًا، إلَّا أَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ مِنْ مَالِهِ مِقْدَارُ الْأَلْفِ إذَا وُجِدَ، مَكَانَ مَا عَلَيْهِ عِوَضًا مِنْ الْأَمَانِ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ.
لِأَنَّ هَا هُنَا عَيَّنَ لِمَا الْتَزَمَ مِنْ الْعِوَضِ مَحَلًّا مَخْصُوصًا وَهُوَ مَالُهُ الَّذِي فِي يَدِهِ، وَعَلَى ذَلِكَ أَعْطَيْنَاهُ الْأَمَانَ. وَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَأْخُذَ ذَلِكَ الْقَدْرَ مِنْهُ بِطَرِيقِ الْفِدَاءِ لَا بِطَرِيقِ الِاسْتِغْنَامِ. وَفِي الْأَوَّلِ الْتَزَمَ الْعِوَضَ فِي ذِمَّتِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ عَيَّنَ لَهُ مَحَلًّا، فَيَبْقَى مَالُهُ فَيْئًا كَمَا هُوَ مُوجِبُ فَتْحِ الْبَابِ عَلَى وَجْهِ إتْمَامِ الْقَهْرِ.
وَإِنْ لَمْ يَجِدُوا لَهُ مَالًا هُنَا فَعَلَيْهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ يُؤَدِّيهَا إلَى الْمُسْلِمِينَ.
لِأَنَّ الْأَمَانَ قَدْ سَلِمَ لَهُ فَيَلْزَمُهُ الْعِوَضُ بِمُقَابَلَتِهِ. وَلَكِنَّهُ كَانَ يُعْطِي ذَلِكَ الْعِوَضَ مِنْ الْمَالِ الْمَوْجُودِ فِي يَدِهِ إنْ كَانَ، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ فَقَدْ عَرَفْنَا أَنَّ مُرَادَهُ مِنْ الْمَالِ الَّذِي يَكْسِبُهُ.
٦٥٥ - وَلَوْ لَمْ يَذْكُرْ فَتْحَ الْبَابِ وَلَكِنْ قَالَ: آمِنُونِي حَتَّى أَنْزِلَ إلَيْكُمْ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ مِنْ مَالِي، أَوْ مِنْ مَالِي بِأَلْفِ دِرْهَمٍ. فَهَذَا فِدَاءٌ.
لِأَنَّ حَرْفَ الْبَاءِ يَصْحَبُ الْأَعْوَاضَ. فَإِنَّمَا الْتَمَسَ أَمَانًا بِعِوَضٍ. وَقَدْ نَالَ ذَلِكَ حِينَ نَزَلَ فَعَلَيْهِ إذًا الْأَلْفُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute