لِأَنَّ الْأَمَانَ كَانَ لَهُمْ إلَى غَايَةٍ، وَهُوَ خُرُوجُ السَّرِيَّةِ الْأُولَى إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ. فَانْتَهَى الْأَمَانُ بِوُجُودِ الْغَايَةِ. أَلَا تَرَى أَنَّ السَّرِيَّةَ الْأُولَى لَوْ عَادُوا إلَيْهِمْ بَعْدَ مَا خَرَجُوا كَانَ لَهُمْ أَنْ يُقَاتِلُوهُمْ؟ فَكَذَلِكَ السَّرِيَّةُ الثَّانِيَةُ.
٧٣٢ - وَلَوْ كَانَ خَرَجَ بَعْضُهُمْ دُونَ بَعْضٍ فَالْمُعْتَبَرُ فِيهِ خُرُوجُ الْأَمِيرِ مَعَ جَمَاعَةِ الْقَوْمِ الَّذِينَ لَهُمْ الْمَنَعَةُ.
لِأَنَّ الْبَاعِثَ لِأَهْلِ الْحِصْنِ عَلَى الْتِمَاسِ الصُّلْحِ وَأَدَاءِ الدَّنَانِيرِ خَوْفُهُمْ مِنْ السَّرِيَّةِ، وَذَلِكَ كَانَ بِاعْتِبَارِ جَمَاعَتِهِمْ وَمَنَعَتِهِمْ.
وَكَانَ يَنْبَغِي فِي الْقِيَاسِ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ وَإِنْ بَقِيَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ فِي دَارِ الْحَرْبِ لَا يَحِلُّ قِتَالُهُمْ بِدُونِ رَدِّ الدَّنَانِيرِ.
لِأَنَّ الْحُكْمَ إذَا ثَبَتَ بِجُمْلَةٍ يَبْقَى بِبَقَاءِ الْوَاحِدِ، كَمَا قَالَ فِي الْبَلْدَةِ الَّتِي ارْتَدَّ أَهْلُهَا وَبَقِيَ فِيهَا مُسْلِمٌ أَوْ ذِمِّيٌّ آمِنٌ أَنَّهَا لَا تَصِيرُ دَارَ الْحَرْبِ. وَلَكِنَّ هَذَا الْقِيَاسَ مَتْرُوكٌ هَا هُنَا لِأَجْلِ التَّعَذُّرِ. أَرَأَيْت لَوْ قُتِلَ رَجُلٌ مِنْهُمْ أَوْ مَاتَ أَوْ أُسِرَ أَوْ فُقِدَ أَلَمْ يَحِلَّ قِتَالُ أَهْلِ الْحِصْنِ أَيْضًا بَعْدَ خُرُوجِ الْجَمَاعَةِ؟ .
٧٣٣ - وَلَوْ لَمْ تَخْرُجْ السَّرِيَّةُ الْأُولَى وَلَكِنَّهُمْ قُتِلُوا حَلَّ قِتَالُ أَهْلِ الْحِصْنِ أَيْضًا.
؛ لِأَنَّهُمْ إذَا قُتِلُوا فَكَأَنَّهُمْ خَرَجُوا. يَعْنِي أَنَّ أَهْلَ الْحِصْنِ يَأْمَنُونَ جَانِبَهُمْ إذَا قُتِلُوا فَوْقَ مَا يَأْمَنُونَ جَانِبَهُمْ إذَا خَرَجُوا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute