للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فَإِنْ خَرَجُوا ثُمَّ عَادُوا، هُمْ أَوْ غَيْرُهُمْ، فَلَهُمْ أَنْ يُقَاتِلُوا أَهْلَ الْحِصْنِ مِنْ غَيْرِ رَدِّ الدَّنَانِيرِ. وَلَكِنْ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُقَاتِلُوهُمْ حَتَّى يَنْبِذُوا إلَيْهِمْ.

لِأَنَّ الْأَمَانَ لَهُمْ مُطْلَقٌ. وَالْمَقْصُودُ الَّذِي ذَكَرْنَا يَرْجِعُ إلَى مَا أَدَّوْا مِنْ الدَّنَانِيرِ. فَبِاعْتِبَارِ ذَلِكَ الْمَقْصُودِ تَتِمُّ سَلَامَةُ الدَّنَانِيرِ لَهُمْ إذَا خَرَجُوا، وَبِاعْتِبَارِ كَوْنِ الْأَمَانِ مُطْلَقًا لَا يَحِلُّ قِتَالُهُمْ مَا لَمْ يَنْبِذُوا إلَيْهِمْ، كَمَا لَوْ أَمَّنُوهُمْ بِغَيْرِ عِوَضٍ، بِخِلَافِ مَا سَبَقَ: فَهُنَاكَ الْأَمَانُ مُؤَقَّتٌ نَصًّا، فَلَا يَبْقَى بَعْدَ مُضِيِّ الْوَقْتِ.

٧٤١ - وَلَوْ أَنَّ الْإِمَامَ بَعَثَ إلَيْهِمْ مِنْ دَارِ الْإِسْلَامِ مَنْ يَدْعُوهُمْ إلَى الصُّلْحِ، فَصَالَحُوهُ عَلَى أَنْ يُؤَمِّنُوهُمْ عَلَى مَالٍ مُطْلَقًا. ثُمَّ بَدَا لِلْإِمَامِ أَنْ يَنْبِذَ إلَيْهِمْ، فَلَيْسَ يَنْبَغِي أَنْ يُقَاتِلَهُمْ حَتَّى يَرُدَّ إلَيْهِمْ مَا أَخَذُوا مِنْهُمْ، بِخِلَافِ الْأَوَّلِ.

لِأَنَّ هُنَاكَ مَقْصُودُهُمْ مِنْ بَذْلِ الْمَالِ إزَالَةُ الْخَوْفِ الَّذِي حَلَّ بِهِمْ، وَهَا هُنَا مَا حَلَّ بِهِمْ خَوْفٌ، وَإِنَّمَا مَقْصُودُهُمْ مِنْ بَذْلِ الْمَالِ هَا هُنَا تَحْصِيلُ الْأَمْنِ لَهُمْ مُطْلَقًا، حَتَّى لَا يَتَعَرَّضَ أَحَدٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ لِجَانِبِهِمْ. وَالْمُطْلَقُ فِيمَا يَحْتَمِلُ التَّأْيِيدَ بِمَنْزِلَةِ الْمُصَرَّحِ بِذِكْرِ التَّأْيِيدِ.

فَكَأَنَّهُمْ قَالُوا: آمِنُونَا أَبَدًا. فَلِهَذَا لَا يَحِلُّ قِتَالُهُمْ إلَّا بَعْدَ رَدِّ الْمَالِ عَلَيْهِمْ.

٧٤٢ - فَإِنْ كَانَتْ السَّرِيَّةُ الَّتِي أَحَاطَتْ بِالْحِصْنِ صَالَحُوهُمْ عَلَى أَنْ يَكُفُّوا عَنْهُمْ عَلَى أَلْفِ دِينَارٍ وَلَمْ يَزِيدُوا عَلَى هَذَا شَيْئًا، فَلَيْسَ يَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ يَتَعَرَّضُوا لَهُمْ مَا دَامُوا فِي تِلْكَ الْغَزَاةِ.

<<  <   >  >>