للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لِأَنَّهُمْ قَالُوا: هَذِهِ السَّنَةُ، وَاثْنَا عَشَرَ شَهْرًا مُدَّةُ سَنَةٍ مُنَكَّرَةٍ لَا سَنَةٍ مُعَرَّفَةٍ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ سَنَةٍ يَنْصَرِفُ نَذْرُهُ إلَى سَنَةٍ كَامِلَةٍ؟ وَلَوْ قَالَ: صَوْمُ السَّنَةِ يَنْصَرِفُ إلَى بَقِيَّةِ السَّنَةِ وَمُضِيُّهَا انْقِضَاءُ ذِي الْحِجَّةِ.

٧٣٧ - وَإِنْ قَالُوا: عَنَيْنَا هَذِهِ السَّنَةَ إلَى انْصِرَافِكُمْ مِنْ صَائِفَتِكُمْ، لَمْ يُلْتَفَتْ إلَى ذَلِكَ.

لِأَنَّهُمْ ادَّعَوْا مَا هُوَ خِلَافُ الظَّاهِرِ. فَإِنَّ الظَّاهِرَ مَا يَسْبِقُ إلَى الْأَفْهَامِ، وَاَلَّذِي يَسْبِقُ إلَى الْأَفْهَامِ مِنْ ذِكْرِ السَّنَةِ الْمُدَّةُ دُونَ الِانْصِرَافُ، إلَّا أَنَّ ذَلِكَ مُحْتَمَلٌ أَيْضًا.

٧٣٨ - فَإِنْ بَيَّنُوا فِي الصُّلْحِ فَهُوَ عَلَى مَا بَيَّنُوا. وَإِنْ قَالُوا: عَلَى أَنْ تُؤَمِّنُونَا سَنَةً، فَهَذَا عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا مِنْ وَقْتِ الصُّلْحِ.

؛ لِأَنَّهُمْ ذَكَرُوا سَنَةً مُنَكَّرَةً، وَذَلِكَ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا} [التوبة: ٣٦] يَعْنِي شُهُورَ السَّنَةِ.

٧٣٩ - وَلَوْ قَالُوا: نُصَالِحُكُمْ عَلَى أَنْ تُؤَمِّنُونَا عَلَى أَلْفِ دِينَارٍ، وَلَمْ يُوَقِّتُوا وَقْتًا، فَهَذَا عَلَى خُرُوجِهِمْ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ.

؛ لِأَنَّ مُطْلَقَ الْكَلَامِ يَتَقَيَّدُ بِدَلَالَةِ الْحَالِ وَبِمَا يُعْلَمُ مِنْ مَقْصُودِ الْمُتَكَلِّمِ، وَبَعْدَ مَا أَحَاطَتْ بِهِمْ السَّرِيَّةُ يُعْلَمُ أَنَّ مَقْصُودَهُمْ بِهَذَا الصُّلْحِ الْأَمْنُ مِنْ الْخَوْفِ الَّذِي نَزَلَ بِهِمْ، وَإِنَّمَا يَتِمُّ ذَلِكَ بِخُرُوجِ السَّرِيَّةِ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ. فَكَأَنَّهُمْ صَرَّحُوا بِهَذَا وَقَالُوا: آمِنُونَا حَتَّى تَخْرُجُوا إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ.

<<  <   >  >>