لِأَنَّهُ أَمَرَهُمْ بِأَدَاءِ مَالٍ لِأَجْلِ مَنْفَعَةٍ رَجَعَتْ إلَى الْمُسْلِمِينَ، فَكَانَ ذَلِكَ دَيْنًا لَهُمْ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ، وَلِأَنَّ خُمُسَ تِلْكَ الْغَنِيمَةِ سَلِمَ لِبَيْتِ الْمَالِ، فَيُرَدُّ عَلَيْهِمْ مَا غَرِمُوا مِنْ مَالِ بَيْتِ الْمَالِ أَيْضًا لِيَكُونَ الْغُرْمُ بِمُقَابَلَةِ الْغُنْمِ.
٧٥٨ - وَلَوْ لَمْ يَأْتِ أَهْلَ الْحِصْنِ سَرِيَّةٌ أُخْرَى حَتَّى رَجَعَتْ إلَيْهِمْ السَّرِيَّةُ الْأُولَى فَرَدَّتْ عَلَيْهِمْ الدَّنَانِيرَ وَظَفِرُوا بِهَا، فَلَا سَبِيلَ عَلَيْهِمْ عَلَى أَخْذِ الدَّنَانِيرِ مِنْ رَأْسِ الْغَنِيمَةِ.
لِأَنَّهُمْ أَخَذُوا مِثْلَ مَا أَرَادُوا، وَفَسَخُوا حُكْمَ فِعْلِهِمْ بِالرَّدِّ. فَكَأَنَّهُمْ لَمْ يَأْخُذُوا شَيْئًا فِي الِابْتِدَاءِ حَتَّى ظَفِرُوا بِالْحِصْنِ، فَيَكُونُ لِجَمِيعِ مَا أَصَابُوا حُكْمُ الْغَنِيمَةِ.
٧٥٩ - وَإِنْ كَانَ تِلْكَ الدَّنَانِيرُ ضَاعَتْ مِنْهُمْ، وَحِينَ رَجَعُوا أَعْطَوْا مِثْلَهَا مِنْ أَمْوَالِهِمْ، لَيْسَ مِمَّا غَنِمُوا، فَهُمْ أَحَقُّ بِالْغَنِيمَةِ حَتَّى يَسْتَوْفُوا مِنْهَا مِثْلَ مَا أَعْطَوْا إنْ كَانُوا ظَفِرُوا بِهِمْ فِي الْمُدَّةِ.
لِأَنَّ حَالَهُمْ عِنْدَ الرُّجُوعِ وَرَدِّ الدَّنَانِيرِ كَحَالِ سَرِيَّةٍ أُخْرَى.
٧٦٠ - وَلَوْ أَنَّ الْإِمَامَ وَادَعَ قَوْمًا مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ سَنَةً عَلَى مَالٍ دَفَعُوهُ إلَيْهِ، فَذَلِكَ جَائِزٌ. إنَّمَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُوَادِعَ إذَا كَانَ خَيْرًا لِلْمُسْلِمِينَ.
لِمَا بَيَّنَّا أَنَّهُ نُصِّبَ نَاظِرًا لِلْمُسْلِمِينَ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ تَرْكُ الْقِتَالِ وَالْمِيلُ إلَى أَخْذِ الْمَالِ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِيهِ نَظَرٌ لِلْمُسْلِمِينَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute