ثُمَّ هَذَا الْمَالُ لَيْسَ بِفَيْءٍ وَلَا غَنِيمَةٍ حَتَّى لَا يُخَمَّسَ، وَلَكِنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْخَرَاجِ يُوضَعُ فِي بَيْتِ الْمَالِ.
لِأَنَّ الْغَنِيمَةَ اسْمُ الْمَالِ مُصَابٌ بِإِيجَافِ الْخَيْلِ وَالرِّكَابِ، وَالْفَيْءُ اسْمٌ لِمَا يَرْجِعُ مِنْ أَمْوَالِهِمْ إلَى أَيْدِينَا بِطَرِيقِ الْقَهْرِ. فَأَمَّا هَذَا فَمَالٌ رَجَعَ إلَيْنَا بِطَرِيقِ الْمُرَاضَاةِ، فَيَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الْجِزْيَةِ وَالْخَرَاجِ يُوضَعُ فِي بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ.
لِأَنَّ الْإِمَامَ إنَّمَا تَمَكَّنَ مِنْهُ لِمَنَعَةِ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ.
٧٦١ - فَإِنْ نَظَرَ الْإِمَامُ فَرَأَى هَذِهِ الْمُوَادَعَةَ شَرًّا لِلْمُسْلِمِينَ فَلَيْسَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُقَاتِلَهُمْ حَتَّى يَرُدَّ عَلَيْهِمْ مَا أُخِذَ.
لِأَنَّ الْوَفَاءَ بِالْعَهْدِ وَالتَّحَرُّزَ عَنْ الْغَدْرِ وَاجِبٌ.
٧٦٢ - فَإِنْ رَدَّ عَلَيْهِمْ عَيْنَهُ أَوْ مِثْلَهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، وَنَبَذَ إلَيْهِمْ، ثُمَّ بَعَثَ جُنْدًا حَتَّى ظَفِرُوا بِهِمْ، فَإِنَّهُ يُخَمِّسُ جَمِيعَ مَا أَصَابُوا، وَيُقَسِّمُ الْبَاقِيَ بَيْنَ الْغَانِمِينَ عَلَى سِهَامِ الْغَنِيمَةِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْتَجِعَ شَيْئًا مِمَّا أَعْطَى مِنْ الدَّنَانِيرِ.
؛ لِأَنَّهُ كَانَ فِي الْأَخْذِ عَامِلًا لِلْمُسْلِمِينَ. فَقَدْ رَدَّهَا أَوْ مِثْلَهَا مِنْ مَالِ الْمُسْلِمِينَ.
فَإِنَّ مَالَ بَيْتِ الْمَالِ مُعَدٌّ لِنَوَائِبِ الْمُسْلِمِينَ، وَهَذَا كَانَ مِنْ جُمْلَةِ النَّوَائِبِ.
بِخِلَافِ مَا ذَكَرْنَا فِي السَّرِيَّةِ الْأُولَى إذَا رَدُّوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ بَعْدَ مَا ضَاعَتْ تِلْكَ الدَّنَانِيرُ مِنْهُمْ؛ لِأَنَّ هُنَاكَ الْمَأْخُوذَ الَّذِي ضَاعَ مِنْهُمْ كَانَ مِنْ جُمْلَةِ الْغَنِيمَةِ، وَالْمَرْدُودَ لَمْ يَكُنْ مِنْ الْغَنِيمَةِ، إنَّمَا كَانَ مِنْ خَاصِّ أَمْوَالِهِمْ. وَهَاهُنَا الْمَأْخُوذُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute