بَابُ مَا يَتَكَلَّمُ بِهِ الرَّجُلُ فَيَكُونُ أَمَانًا أَوْ لَا يَكُونُ فَإِذَا أَخَذَ الْمُسْلِمُ أَسِيرًا مِنْ الْمُشْرِكِينَ وَطَلَبَ الْأَسِيرُ مِنْهُ الْأَمَانَ فَآمَنَهُ، فَهُوَ آمِنٌ لَا يَحِلُّ لَهُ وَلَا لِلْأَمِيرِ وَلَا لِغَيْرِهِ أَنْ يَقْتُلَهُ.
لِأَنَّ أَمَانَ الْوَاحِدِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ نَافِذٌ عَلَى الْجَمَاعَةِ. فَكَأَنَّ الْأَمِيرَ هُوَ الَّذِي آمَنَهُ، وَلَكِنَّهُ يَكُونُ فَيْئًا؛ لِأَنَّهُ مَقْهُورٌ مَأْخُوذٌ. وَقَدْ ثَبَتَ فِيهِ حَقُّ الْمُسْلِمِينَ فَلَا يَبْطُلُ بِأَمَانِ الْوَاحِدِ الْحَقُّ الثَّابِتُ لِجَمَاعَتِهِمْ. وَأَمْنًا مِنْ الْقَتْلِ بِسَبَبِ الْأَمَانِ لَا يَكُونُ فَوْقَ أَمَانِهِ مِنْ الْقَتْلِ بِالْإِسْلَامِ.
٧٦٧ - وَلَوْ أَسْلَمَ بَعْدَ مَا أُسِرَ لَمْ يُقْتَلْ، وَلَكِنْ يَكُونُ فَيْئًا، فَكَذَلِكَ إذَا آمَنَهُ بَعْدَ الْأَسْرِ.
وَهَذَا لِأَنَّهُ صَارَ بِمَنْزِلَةِ الرَّقِيقِ، وَإِنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ مَالِكُهُ مَا لَمْ يُقْسَمْ. وَإِسْلَامُ الرَّقِيقِ لَا يُزِيلُ الرِّقَّ عَنْهُ.
ثُمَّ الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ إسْلَامَهُ بَعْدَ الْأَخْذِ لَا يُبْطِلُ الْحَقَّ الثَّابِتَ فِيهِ لِلْمُسْلِمِينَ «حَدِيثُ الْعَبَّاسِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. فَإِنَّهُ أَسْلَمَ يَوْمَ بَدْرٍ بَعْدَ مَا أُسِرَ. وَحَسُنَ إسْلَامُهُ، عَلَى مَا رُوِيَ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ قَالُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ: قَدْ قَتَلْنَا الرِّجَالَ وَأَسَرْنَاهُمْ، فَنَتْبَعُ الْعِيرَ الْآنَ. فَلَمَّا عَزَمُوا عَلَى ذَلِكَ قَالَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute