الْعَبَّاسُ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ فِي وَثَاقِ الْأَسْرِ: هَذَا لَا يَصْلُحُ. قَالَ: لِمَ؟ قَالَ: لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى وَعَدَك إحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ. وَقَدْ أَنْجَزَهَا لَك فَارْجِعْ سَالِمًا» .
فَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى حُسْنِ إسْلَامِهِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ. وَمَعَ ذَلِكَ أَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْفِدَاءِ. وَفِيهِ نَزَلَ قَوْله تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنْ الْأَسْرَى إنْ يَعْلَمْ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ} [الأنفال: ٧٠] الْآيَةَ.
٧٦٨ - فَإِنْ قَالَ: لَا أُسْلِمُ، وَلَكِنْ أَكُونُ ذِمَّةً لَكُمْ. فَلِلْإِمَامِ أَنْ لَا يُعْطِيَهُ ذَلِكَ وَيَقْتُلَهُ.
لِأَنَّهُ صَارَ مَأْخُوذًا مَقْهُورًا. وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّهُ لَا يُفْتَرَضُ الْإِجَابَةُ إلَى إعْطَاءِ الذِّمَّةِ فِي حَقِّ مِثْلِهِ.
٧٦٩ - فَإِنْ كَانَ حِينَ أَخَذَهُ الْمُسْلِمُونَ خَافُوا أَنْ يُسْلِمَ فَكَعَمُوهُ - أَيْ سَدُّوا فَمَه، وَالْكِعَامُ اسْمٌ لِمَا يُسَدُّ بِهِ الْفَمُ.
أَوْ ضَرَبُوهُ حَتَّى يَشْتَغِلَ بِالضَّرْبِ فَلَا يُسْلِمُ، فَقَدْ أَسَاءُوا فِي ذَلِكَ.؛ لِأَنَّ فِعْلَهُمْ فِي صُورَةِ الْمَنْعِ عَنْ الْإِسْلَامِ لِمَنْ يُرِيدُ الْإِسْلَامَ، وَذَلِكَ لَا رُخْصَةَ فِيهِ. وَلَكِنَّهُمْ إنْ كَعَمُوهُ كَيْ لَا يَنْفَلِتَ وَلَمْ يُرِيدُوا بِهِ أَنْ يَمْنَعُوهُ مِنْ الْإِسْلَامِ فَهَذَا لَا بَأْسَ بِهِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {حَتَّى إذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ} [محمد: ٤]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute