للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مِنْهُمْ صُورَةً أَوْ مَعْنًى، وَإِنَّمَا خَلَّوْا سَبِيلَهُمْ عَلَى بِنَاءِ أَنَّهُمْ مِنْهُمْ. فَهَذَا وَقَوْلُهُمْ: نَحْنُ مِنْكُمْ، سَوَاءٌ.

٧٨٠ - وَكَذَلِكَ لَوْ أَخْبَرُوهُمْ أَنَّهُمْ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ أَتَوْهُمْ نَاقِضِينَ لِلْعَهْدِ مَعَ الْمُسْلِمِينَ، فَأَذِنُوا لَهُمْ فِي الدُّخُولِ. فَهَذَا وَالْأَوَّلُ سَوَاءٌ.

لِأَنَّهُمْ خَلَّوْا سَبِيلَهُمْ عَلَى أَنَّهُمْ مِنْهُمْ، وَأَنَّ الدَّارَ تَجْمَعُهُمْ، وَالْإِنْسَانُ فِي دَارِ نَفْسِهِ لَا يَكُونُ مُسْتَأْمَنًا. وَاسْتُدِلَّ عَلَيْهِ بِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُنَيْسٍ الْمُتَخَصِّرِ فِي الْجَنَّةِ حِينَ قَالَ لِسُفْيَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: جِئْت لِأَنْصُرَك وَأُكْثِرَك وَأَكُونَ مَعَك. ثُمَّ قَتَلَهُ. فَدَلَّ أَنَّ مِثْلَ هَذَا لَا يَكُونُ أَمَانًا.

وَقَدْ بَيَّنَّا تَفْسِيرَ الْمُتَخَصِّرِ فِيمَا سَبَقَ.

وَمِمَّا يُبَيِّنُ ذَلِكَ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «خَيْرُ الْعَامِلِينَ فِي الدُّنْيَا بَعْدَ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ الْمُتَخَصِّرُونَ» . يَعْنِي الَّذِينَ يَعْمَلُونَ فِي الدُّنْيَا مِنْ الطَّاعَاتِ مَا يَعْتَمِدُونَ عَلَيْهَا فِي الْجَنَّةِ وَيَنَالُونَ بِهَا مِنْ الدَّرَجَاتِ، كَمَا يَتَوَكَّأُ الرَّجُلُ عَلَى عَصَاهُ فِي الدُّنْيَا يَضَعُهُ عَلَى خَاصِرَتِهِ.

<<  <   >  >>