للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَلَوْ أَنَّ رَهْطًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ كَانُوا أُسَرَاءَ فِي أَيْدِيهِمْ فَخَلَّوْا سَبِيلَهُمْ، لَمْ أَرَ بَأْسًا أَنْ يَقْتُلُوا مَنْ أَحَبُّوا مِنْهُمْ، وَيَأْخُذُوا الْأَمْوَلَ وَيَهْرُبُوا إنْ قَدَرُوا عَلَى ذَلِكَ.

لِأَنَّهُمْ كَانُوا مَقْهُورِينَ فِي أَيْدِيهِمْ، وَقَبْلَ أَنْ يُخَلُّوا سَبِيلَهُمْ، لَوْ قَدَرُوا عَلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ كَانُوا مُتَمَكِّنِينَ مِنْهُ، فَكَذَلِكَ بَعْدَ تَخْلِيَةِ سَبِيلِهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ مَا أَظْهَرُوا مِنْ أَنْفُسِهِمْ مَا يَكُونُ دَلِيلَ الِاسْتِئْمَانِ، وَمَا خَلَّوْهُمْ عَلَى سَبِيلِ إعْطَاءِ الْأَمَانِ بَلْ عَلَى وَجْهِ قِلَّةِ الْمُبَالَاةِ بِهِمْ وَالِالْتِفَاتِ إلَيْهِمْ.

٧٨٢ - وَكَذَلِكَ لَوْ قَالُوا لَهُمْ: قَدْ آمَنَّاكُمْ فَاذْهَبُوا حَيْثُ شِئْتُمْ، وَلَمْ تَقُلْ الْأُسَرَاءُ (ص ١٧١) شَيْئًا.

لِأَنَّهُ إنَّمَا يَحْرُمُ عَلَيْهِمْ التَّعَرُّضُ لَهُمْ بِالِاسْتِئْمَانِ صُورَةً أَوْ مَعْنًى، فَبِهِ يَلْتَزِمُونَ الْوَفَاءَ، وَلَمْ يُوجَدْ مِنْهُمْ ذَلِكَ، وَقَوْلُ أَهْلِ الْحَرْبِ لَا يُلْزِمُهُمْ شَيْئًا لَمْ يَلْتَزِمُوهُ.

٧٨٣ - بِخِلَافِ مَا إذَا جَاءُوا مِنْ دَارِ الْإِسْلَامِ فَقَالَ لَهُمْ أَهْلُ الْحَرْبِ: اُدْخُلُوا فَأَنْتُمْ آمِنُونَ.

لِأَنَّ هُنَاكَ جَاءُوا عَنْ اخْتِيَارٍ مَجِيءَ الْمُسْتَأْمَنِينَ، فَإِنَّهُمْ حِينَ ظَهَرُوا لِأَهْلِ الْحَرْبِ فِي مَوْضِعٍ لَا يَكُونُونَ مُمْتَنِعِينَ مِنْهُمْ بِالْقُوَّةِ، فَكَأَنَّهُمْ اسْتَأْمَنُوهُمْ وَإِنْ لَمْ يَتَكَلَّمُوا بِهِ. وَأَمَّا الْأُسَرَاءُ فَحَصَلُوا فِي دَارِهِمْ مَقْهُورِينَ لَا عَنْ اخْتِيَارٍ مِنْهُمْ، فَلَا بُدَّ لِلِاسْتِئْمَانِ مِنْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ.

٧٨٤ - وَلَوْ أَنَّ قَوْمًا مِنْهُمْ لَقُوا الْأُسَرَاءَ فَقَالُوا: مَنْ أَنْتُمْ؟ فَقَالُوا:

<<  <   >  >>