للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نَحْنُ قَوْمٌ تُجَّارٌ دَخَلْنَا بِأَمَانِ أَصْحَابِكُمْ. أَوْ قَالُوا: نَحْنُ رُسُلُ الْخَلِيفَةِ. فَلَيْسَ يَنْبَغِي لَهُمْ بَعْدَ هَذَا أَنْ يَقْتُلُوا أَحَدًا مِنْهُمْ.

لِأَنَّهُمْ أَظْهَرُوا مَا هُوَ دَلِيلُ الِاسْتِئْمَانِ. فَيُجْعَلُ ذَلِكَ اسْتِيمَانًا مِنْهُمْ، فَلَا يَحِلُّ لَهُمْ أَنْ يَغْدِرُوا بِهِمْ بَعْدَ ذَلِكَ.

مَا لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُمْ أَهْلُ الْحَرْبِ.

- فَإِنْ عَلِمَ أَهْلُ الْحَرْبِ أَنَّهُمْ أُسَرَاءُ فَأَخَذُوهُمْ ثُمَّ انْفَلَتُوا مِنْهُمْ حَلَّ لَهُمْ قِتَالُهُمْ وَأَخْذُ أَمْوَالِهِمْ.

لِأَنَّ حُكْمَ الِاسْتِئْمَانِ إلَيْهِمْ يَرْتَفِعُ بِمَا فَعَلُوا. أَلَا تَرَى أَنَّ الْمُسْتَأْمَنِينَ لَوْ غَدَرَ بِهِمْ مَلِكُ أَهْلِ الْحَرْبِ فَأَخَذَ أَمْوَالَهُمْ وَحَبَسَهُمْ، ثُمَّ انْفَلَتُوا، حَلَّ لَهُمْ قَتْلُ أَهْلِ الْحَرْبِ وَأَخْذُ أَمْوَالِهِمْ؟ بِاعْتِبَارِ أَنَّ ذَلِكَ نَقْضٌ لِلْعَهْدِ مِنْ مَلِكِهِمْ.

٧٨٦ - وَكَذَلِكَ لَوْ فَعَلَ ذَلِكَ بِهِمْ رَجُلٌ بِأَمْرِ مَلِكِهِ أَوْ بِعِلْمِهِ وَلَمْ يَمْنَعْهُ مِنْ ذَلِكَ. فَإِنَّ السَّفِيهَ إذَا لَمْ يُنْهَ مَأْمُورٌ. فَأَمَّا إذَا فَعَلُوا بِغَيْرِ عِلْمِ الْأَمِيرِ أَوْ عِلْمِ جَمَاعَتِهِمْ لَمْ يَحِلَّ لِلْمُسْتَأْمَنِينَ أَنْ يَسْتَحِلُّوا حَرِيمَ الْقَوْمِ بِمَا صَنَعَ هَذَا بِهِمْ.

لِأَنَّ فِعْلَ الْوَاحِدِ مِنْ عَرْضِهِمْ لَا يَكُونُ نَقْضًا لِلْعَهْدِ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْمُسْتَأْمَنِ، فَإِنَّهُ لَا يَمْلِكُ ذَلِكَ وَإِنَّمَا هَذَا ظُلْمٌ مِنْهُ إيَّاهُمْ، فَيَحِلُّ لَهُمْ أَنْ يَنْتَصِفُوا مِنْهُ بِاسْتِرْدَادِ عَيْنِ مَا أَخَذَ مِنْهُمْ أَوْ مِثْلِهِ إنْ قَدَرُوا عَلَى ذَلِكَ، وَلَا يَحِلُّ لَهُمْ أَنْ يَتَعَرَّضُوا لَهُ بِشَيْءٍ سِوَى هَذَا لِأَنَّ الظَّالِمَ لَا يُظْلَمُ وَلَكِنْ يُنْتَصَفُ مِنْهُ بِالْمِثْلِ فَقَطْ.

<<  <   >  >>