للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الرَّسُولُ كَاذِبًا لِدَفْعِ الضَّرَرِ عَنْ الْمُسْلِمِينَ، وَهَذَا لَا يُوجَدُ فِيمَا إذَا كَانَ الرَّسُولُ صَادِقًا.

يُوَضِّحُهُ: أَنَّهُ إذَا أَرْسَلَ إلَيْهِمْ بَعْدَ تِلْكَ الْمَقَالَةِ. فَذَلِكَ رُجُوعٌ مِنْهُ عَنْ تِلْكَ الْمَقَالَةِ، وَرُجُوعُهُ صَحِيحٌ. أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ لَهُمْ: إذَا آمَنْتُكُمْ فَأَمَانِي بَاطِلٌ. ثُمَّ آمَنَهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ كَانَ ذَلِكَ أَمَانًا صَحِيحًا. بِاعْتِبَارِ أَنَّ هَذَا رُجُوعٌ عَمَّا قَالَهُ لَهُمْ، وَذَلِكَ الْقَوْلُ مَا كَانَ مُلْزِمًا إيَّاهُ شَيْئًا فَيَصِحُّ رُجُوعُهُ عَنْهُ.

- وَلَوْ أَنَّ مُسْلِمًا وَادَعَ أَهْلَ الْحَرْبِ سَنَةً عَلَى أَلْفِ دِينَارٍ جَازَتْ مُوَادَعَتُهُ، وَلَمْ يَحِلَّ لِلْمُسْلِمِينَ أَنْ يَغْزُوهُمْ، وَإِنْ قَتَلُوا وَاحِدًا مِنْهُمْ غَرِمُوا دِيَتَهُ.

لِأَنَّ أَمَانَ الْوَاحِدِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ بِمَنْزِلَةِ أَمَانِ جَمَاعَتِهِمْ.

- وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْإِمَامُ بِذَلِكَ حَتَّى مَضَتْ سَنَةٌ أَمْضَى مُوَادَعَتَهُ وَأَخَذَ الْمَالَ فَجَعَلَهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ.

لِأَنَّ مَنْفَعَةَ الْمُسْلِمِينَ مُتَعَيِّنَةٌ فِي إمْضَاءِ الْمُوَادَعَةِ بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ، فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْعَبْدِ الْمَحْجُورِ إذَا أَجَّرَ نَفْسَهُ وَسَلِمَ مِنْ الْعَمَلِ، فَإِنَّهُ يَنْفُذُ الْعَقْدُ وَتَكُونُ الْأُجْرَةُ لِلْمَوْلَى. وَإِنْ كَانَ لَوْ عَلِمَ بِهِ الْمَوْلَى قَبْلَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ كَانَ مُتَمَكِّنًا مِنْ فَسْخِ الْإِجَارَةِ.

<<  <   >  >>