للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَالْجَزَاءُ إنَّمَا يَثْبُتُ بِاعْتِبَارِ الشَّرْطِ جُمْلَةً، وَلَا يَتَوَزَّعُ عَلَى أَجْزَائِهِ. وَكَلِمَةُ عَلَى، لِلشَّرْطِ حَقِيقَةً. وَالْمُوَادَعَةُ فِي الْأَصْلِ لَيْسَتْ مِنْ عُقُودِ الْمُعَاوَضَاتِ، فَجَعَلْنَا هَذِهِ الْكَلِمَةَ فِيهَا عَامِلَةً بِحَقِيقَتِهَا. فَإِذَا لَمْ يُسَلِّمْ لَهُمْ الْمُوَادَعَةَ سَنَةً كَامِلَةً وَجَبَ رَدُّ الْمَالِ كُلِّهِ عَلَيْهِمْ. وَهَذَا لِأَنَّهُ رُبَّمَا يَكُونُ خَوْفُهُمْ مِنْ بَعْضِ الْمُدَّةِ دُونَ الْبَعْضِ، فَإِنَّهُمْ يَأْمَنُونَ فِي الشِّتَاءِ أَنْ يَأْتِيَهُمْ الْعَدُوُّ، وَإِنَّمَا يَخَافُونَ ذَلِكَ فِي الصَّيْفِ. فَإِذَا نَبَذَ إلَيْهِمْ فِي وَقْتِ خَوْفِهِمْ، وَمَنْعَهُمْ بَعْضَ الْمَالِ. لَمْ يَحْصُلْ شَيْءٌ مِنْ مَقْصُودِهِمْ بِهَذَا الشَّرْطِ، وَذَلِكَ يُؤَدِّي إلَى الْغُرُورِ، فَلِهَذَا يَرُدُّ الْمَالَ إنْ نَبَذَ إلَيْهِمْ قَبْلَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ.

- وَإِنْ كَانُوا وَادَعُوهُ ثَلَاثَ سِنِينَ، كُلُّ سَنَةٍ بِأَلْفِ دِينَارٍ، وَقَبَضَ الْمَالَ كُلَّهُ، ثُمَّ أَرَادَ الْإِمَامُ نَقْضَ الْمُوَادَعَةِ بَعْدَ مُضِيِّ سَنَةٍ فَإِنَّهُ يَرُدُّ عَلَيْهِمْ الثُّلُثَيْنِ.

لِأَنَّ الْمُوَادَعَةَ كَانَتْ هَا هُنَا بِحَرْفِ الْبَاءِ، وَهُوَ يَصْحَبُ الْأَعْوَاضَ، فَيَكُونُ الْمَالُ عِوَضًا. فَيَنْقَسِمُ عَلَى الْمُعَوَّضِ بِاعْتِبَارِ الْأَجْزَاءِ، كَيْفَ وَقَدْ فَرَّقَ الْعُقُودَ هَهُنَا بِتَفْرِيقِ التَّسْمِيَةِ قَالَ: كُلُّ سَنَةٍ بِأَلْفِ دِينَارٍ. بِخِلَافِ الْأَوَّلِ فَهُنَاكَ الْعَقْدُ وَاحِدٌ فِي جَمِيعِ السَّنَةِ، وَالْمَالُ مَذْكُورٌ بِحَرْفِ عَلَى، وَهُوَ حَرْفُ الشَّرْطِ.

فَإِنْ قِيلَ: أَلَيْسَ أَنَّ فِي الْإِجَارَةِ بَيِّنٌ أَنْ يُقْرَنَ بِالْبَدَلِ حَرْفُ الْبَاءِ أَوْ حَرْفُ عَلَى فِي أَنَّهُ يَتَوَزَّعُ الْبَدَلُ عَلَى الْمُدَّةِ، وَكَذَلِكَ فِي بَابِ الْبَيْعِ، فَلِمَاذَا فَرَّقَ بَيْنَهُمَا هُنَا؟ قُلْنَا: لِأَنَّ الْبَيْعَ وَالْإِجَارَةَ مُعَاوَضَةٌ بِاعْتِبَارِ الْأَصْلِ، وَلَا يَحْتَمِلُ التَّعْلِيقَ بِالشَّرْطِ، وَأَمَّا الْمُوَادَعَةُ فَلَيْسَتْ بِمُعَاوَضَةٍ بِاعْتِبَارِ الْأَصْلِ، وَإِنَّمَا تَصِيرُ مُعَاوَضَةً

<<  <   >  >>