للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَكَانَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ سَيِّدَ الْأَوْسِ، فَرَضَوَا بِالنُّزُولِ عَلَى حُكْمِهِ رَجَاءَ أَنْ يُحْسِنَ إلَيْهِمْ لِمَا كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ. فَأَنْزَلَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ عَلَى حُكْمِهِ» .

فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِأَنْ يُنْزِلَهُمْ عَلَى حُكْمِ رَجُلٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ.

وَالْأَشْهَرُ أَنَّهُمْ نَزَلُوا عَلَى حُكْمِ رَسُولِ اللَّهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -. ثُمَّ «جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - الْحُكْمَ فِيهِمْ إلَى سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ بِرِضَاهُمْ. فَإِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْأَنْصَارَ أَحَاطُوا بِرَسُولِ اللَّهِ فَكَلَّمُوهُ فِي شَأْنِهِمْ عَلَى سَبِيلِ الشَّفَاعَةِ. فَأَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُرَاعَاةَ قُلُوبِهِمْ فَقَالَ: أَلَا تَرْضَوْنَ أَنْ يَحْكُمَ فِيكُمْ رَجُلٌ مِنْكُمْ؟ قَالُوا: نَعَمْ. قَالَ: فَذَاكَ إلَى سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ. وَإِنَّمَا جُعِلَ ذَلِكَ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ أَصَابَهُ سَهْمٌ يَوْمَ الْخَنْدَقِ فَقَطَعَ أَكْحَلَهُ وَكَانَ لَا يُرْقَأُ الدَّمُ. فَدَعَا وَقَالَ: اللَّهُمَّ إنْ كُنْت أَبْقَيْت مِنْ حَرْبِ قُرَيْشٍ شَيْئًا فَأَبْقِنِي لِذَلِكَ، فَلَا شَيْءَ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ قِتَالِ قَوْمٍ أَخْرَجُوا رَسُولَك مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِهِمْ، وَإِنْ لَمْ تُبْقِ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَاجْعَلْ هَذَا سَبَبَ شَهَادَتِي، وَلَا تُمِتْنِي حَتَّى تُقِرَّ عَيْنِي فِي بَنِي قُرَيْظَة. فَلَمَّا دَعَا بِذَلِكَ رَقَأَ الدَّمُ. وَإِنَّمَا تَكَلَّمَ بِهَذَا الدُّعَاءِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ أَتَى بَنِي قُرَيْظَةَ بِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ

<<  <   >  >>