للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعَ جَمَاعَةٍ مِنْ رُءُوسِ الْأَنْصَارِ حِينَ أُخْبِرَ أَنَّهُمْ نَقَضُوا الْعَهْدَ لِيَدْعُوَهُمْ إلَى تَجْدِيدِ الْعَهْدِ. فَأَغْلَظُوا لَهُ الْقَوْلَ وَشَتَمُوهُ. فَانْصَرَفَ عَنْهُمْ وَهُوَ يَقُولُ: أَتَشْتُمُونَنِي؟ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَهَمُّ مِنْ الشَّتْمِ وَهُوَ السَّيْفُ. فَلَمَّا هَزَمَ اللَّهُ الْأَحْزَابَ وَحَاصَرَ الْمُسْلِمُونَ بَنِي قُرَيْظَةَ دَعَا هُوَ بِهَذَا الدُّعَاءِ فَلَمَّا نَزَلَتْ بَنُو قُرَيْظَةَ عَلَى حُكْمِ رَسُولِ اللَّهِ جَعَلَ الْحُكْمَ فِيهِمْ إلَى سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ، وَهُوَ كَانَ مَرِيضًا فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ. فَأَتَاهُ الْأَنْصَارُ وَحَمَلُوهُ عَلَى حِمَارٍ لِيَأْتُوا بِهِ مُعَسْكَرَ رَسُولِ اللَّهِ. فَجَعَلُوا يُكَلِّمُونَهُ فِي الطَّرِيقِ وَيَقُولُونَ: حُلَفَاؤُك وَمَوَالِيك، أَمْكَنَك اللَّهُ مِنْهُمْ فَأَحْسِنْ إلَيْهِمْ. وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - يُحِبُّ الْإِحْسَانَ وَالْإِبْقَاءَ. وَقَدْ عَلِمْت مَا فَعَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ فِي تَخْلِيصِ حُلَفَائِهِ مِنْ بَنِي قَيْنُقَاعِ، وَأَنْتَ أَحَقُّ بِذَلِكَ مِنْهُ. فَلَمَّا أَكْثَرُوا مِنْ ذَلِكَ مَسَحَ لِحْيَتَهُ بِيَدِهِ وَقَالَ: لَقَدْ آنَ لِسَعْدٍ أَنْ لَا يَأْخُذَهُ فِي اللَّهِ لَوْمَةُ لَائِمٍ، فَقَالُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ: هَلَكَتْ قُرَيْظَةُ وَاَللَّهِ. فَانْصَرَفُوا عَنْهُ إلَى مَجْلِسِ رَسُولِ اللَّهِ فَلَمَّا أَتَى سَعْدٌ إلَى مَجْلِسِ رَسُولِ اللَّهِ قَالَ لِلْأَنْصَارِ: قُومُوا لِسَيِّدِكُمْ (ص ١٩٧) فَأَنْزِلُوهُ. فَلِمَا جَلَسَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ قَالَ: قَدْ جَعَلْت الْحُكْمَ فِيهِمْ إلَيْك فَاحْكُمْ فِيهِمْ.

<<  <   >  >>