وَالْمُرَادُ فِي اسْتِعْمَالِ لَفْظِ الْأَنْفَالِ فِي عِبَارَةِ الْفُقَهَاءِ مَا يَخُصُّ بِهِ الْإِمَامُ بَعْضَ الْغَانِمِينَ. فَذَلِكَ الْفِعْلُ يُسَمَّى مِنْهُ تَنْفِيلًا، وَذَلِكَ الْمَحَلُّ يُسَمَّى نَفْلًا.
- وَلَا خِلَافَ أَنَّ التَّنْفِيلَ جَائِزٌ قَبْلَ الْإِصَابَةِ، لِلتَّحْرِيضِ عَلَى الْقِتَالِ. فَإِنَّ الْإِمَامَ مَأْمُورٌ بِالتَّحْرِيضِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضْ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ} [الأنفال: ٦٥] فَهَذَا الْخِطَابُ لِرَسُولِ اللَّهِ وَلِكُلِّ مَنْ قَامَ مَقَامَهُ، وَالتَّحْرِيضُ بِالتَّنْفِيلِ، فَإِنَّ الشُّجْعَانَ قَلَّ مَا يُخَاطِرُونَ بِأَنْفُسِهِمْ إذَا لَمْ يُخَصُّوا بِشَيْءٍ مِنْ الْمُصَابِ. فَإِذَا خَصَّهُمْ الْإِمَامُ بِذَلِكَ فَذَلِكَ يُغْرِيهِمْ عَلَى الْمُخَاطَرَةِ بِأَرْوَاحِهِمْ وَإِيقَاعِ أَنْفُسِهِمْ فِي حَلْبَةِ الْعَدُوِّ. وَصُورَةُ هَذَا التَّنْفِيلِ أَنْ يَقُولَ: مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ، وَمَنْ أَخَذَ أَسِيرًا فَهُوَ لَهُ. كَمَا أَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمُنَادِي حِينَ نَادَى يَوْمَ بَدْرٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ. أَوْ يَبْعَثُ سَرِيَّةً فَيَقُولُ: لَكُمْ الثُّلُثُ مِمَّا تُصِيبُونَ بَعْدَ الْخُمُسِ. أَوْ يُطْلِقُ هَذِهِ الْكَلِمَةَ، فَعِنْدَ الْإِطْلَاقِ لَهُمْ ثُلُثُ الْمُصَابِ قَبْلَ أَنْ يُخَمَّسَ، يَخْتَصُّونَ بِهِ، وَهُمْ شُرَكَاءُ الْجَيْشِ فِيمَا بَقِيَ بَعْدَ مَا يُرْفَعُ مِنْهُ الْخُمُسُ، وَعِنْدَ التَّنْفِيلِ بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ يُخَمَّسُ مَا أَصَابُوا، ثُمَّ يَكُونُ لَهُمْ الثُّلُثُ مِمَّا بَقِيَ يَخْتَصُّونَ بِهِ، وَهُمْ شُرَكَاءُ الْجَيْشِ فِيمَا بَقِيَ. وَلَا يَسْتَحِقُّ الْقَاتِلُ بِدُونِ تَنْفِيلِ الْإِمَامِ عِنْدَنَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute