الْبَرَاءَ بْنَ مَالِكٍ أَخُو أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَتَلَ مَرْزُبَانَ الزَّارَةِ وَأَخَذَ سَلَبَهُ مُذَهَّبًا بِالذَّهَبِ مُرَصَّعًا بِالْجَوَاهِرِ تَبْلُغُ قِيمَتُهُ أَرْبَعِينَ أَلْفًا. فَكَتَبَ صَاحِبُ الْجَيْشِ ذَلِكَ إلَى عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. فَكَتَبَ عُمَرُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ الْخُمُسَ وَيَدْفَعَ سَائِرَ ذَلِكَ إلَيْهِ.
وَهَذَا مُشْكِلٌ، فَإِنَّهُ إنْ كَانَ سَبَقَ التَّنْفِيلُ فَلَا خُمُسَ فِي السَّلَبِ. وَإِنْ كَانَ لَمْ يَسْبِقْ التَّنْفِيلُ فَأَعْطَى مَا بَقِيَ إلَى الْبَرَاءِ فَيَكُونُ تَنْفِيلًا بَعْدَ الْإِصَابَةِ. وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ عِنْدَنَا. وَلَكِنَّ تَأْوِيلَهُ أَنَّهُ كَانَ تَقَدَّمَ بِتَنْفِيلٍ مُقَيَّدٍ بِأَنْ كَانَ الْأَمِيرُ قَالَ: مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ بَعْدَ الْخُمُسِ. وَفِي هَذَا الْمَوْضِعِ يُخَمَّسُ السَّلَبُ عِنْدَنَا وَالْبَاقِي لِلْقَاتِلِ.
وَذُكِرَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: الْفَرَسُ وَالسَّلَبُ مِنْ النَّفْلِ.
وَالْمُرَادُ أَنَّ الْقَاتِلَ بَعْدَ التَّنْفِيلِ يَسْتَحِقُّ الْفَرَسَ؛ لِأَنَّ السَّلَبَ اسْمٌ لِمَا يُسْلَبُ مِنْهُ بِإِظْهَارِ الْجَزَاءِ وَالْعَنَاءِ. وَهَذَا يَتَحَقَّقُ فِي الْفَرَسِ كَمَا يَتَحَقَّقُ فِي السَّلَبِ، فَيَدْخُلُ الْكُلُّ فِي التَّنْفِيلِ بِقَوْلِهِ.
- فَإِنْ جَرَحَ الْكَافِرَ رَجُلٌ بَعْدَ تَنْفِيلِ الْإِمَامِ ثُمَّ قَتَلَهُ الْآخَرُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute