يَتَنَاوَلُ جَمَاعَتَهُمْ، بِمَنْزِلَةِ قَوْلِ الرَّجُلِ لِعَبِيدِهِ: مَنْ شَاءَ مِنْكُمْ الْعِتْقَ فَهُوَ حُرٌّ.
فَشَاءُوا، عَتَقُوا. بِخِلَافِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِيمَا إذَا قَالَ: مَنْ شِئْت عِتْقَهُ مِنْ عَبِيدِي. لِأَنَّهُ أَضَافَ الْمَشِيئَةَ هُنَاكَ إلَى مَنْ لَمْ يَتَنَاوَلْهُ " مَنْ " وَهَا هُنَا أَضَافَ الْإِصَابَةَ إلَى مَنْ تَنَاوَلَهُ " مَنْ ".
١٠٦٤ - وَإِذَا ثَبَتَ الِاسْتِحْقَاقُ لَهُمْ بِالْإِصَابَةِ صَارَ الْأَسِيرُ مَمْلُوكًا لَهُمْ. حَتَّى إذَا كَانَ قَرِيبًا لِبَعْضِهِمْ عَتَقَ حِصَّتُهُ مِنْهُ. وَلَوْ أَعْتَقَهُ أَحَدُهُمْ عَتَقَ حِصَّتُهُ. لِأَنَّ الْإِمَامَ حِينَ خَصَّ الْمُصِيبَ بِالْمُصَابِ فَذَلِكَ مِنْهُ بِمَنْزِلَةِ الْقِسْمَةِ بَعْدَ الْإِصَابَةِ، لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُصِيبَ الْأَسِيرَ جَمَاعَةٌ وَبَيْنَ أَنْ يُصِيبَ الْوَاحِدُ، فِي ثُبُوتِ الْمِلْكِ بِهِ. فَكَذَلِكَ فِي الْغَنِيمَةِ قَبْلَ الْإِصَابَةِ.
١٠٦٥ - وَلَوْ كَانَ قَالَ لَهُمْ: مَا أَصَبْتُمْ فَهُوَ لَكُمْ. وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا، لَمْ يَعْتِقْ الْأَسِيرُ بِإِعْتَاقِ أَحَدِهِمْ إيَّاهُ وَلَا بِقَرَابَتِهِ مِنْهُ.
لِأَنَّ هَذَا التَّنْفِيلَ لَيْسَ فِي مَعْنَى الْقِسْمَةِ مِنْ الْإِمَامِ.
أَلَا تَرَى أَنَّ الْمُصِيبَ لَا يَخْتَصُّ بِالْمُصَابِ، وَلَكِنْ مَا يُصِيبُ الْوَاحِدَ مِنْهُمْ يَكُونُ بَيْنَ جَمَاعَتِهِمْ، وَبِدُونِ الْقِسْمَةِ وَمَا فِي مَعْنَاهَا لَا يَثْبُتُ الْمِلْكُ بِنَفْسِ الْإِصَابَةِ.
يُوَضِّحُ الْفَرْقَ أَنَّ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ يَخْتَصُّ الْمُصِيبُ بِالْمُصَابِ عَلَى وَجْهٍ لَا يُشَارِكُهُ فِيهِ غَيْرُهُ فَتِلْكَ الْإِصَابَةُ فِي مَعْنَى الِاصْطِيَادِ. فَكَمَا أَنَّ الْمِلْكَ فِي الصَّيْدِ يَثْبُتُ بِنَفْسِ الْإِصَابَةِ، لِلْوَاحِدِ كَانَ أَوْ لِلْجَمَاعَةِ، فَكَذَلِكَ الْمِلْكُ يَثْبُتُ لِلسَّرِيَّةِ بِمِثْلِ هَذِهِ الْإِصَابَةِ، وَفِي كُلِّ مَوْضِعٍ لَا يَخْتَصُّ الْمُصِيبُ بِالْمُصَابِ وَلَكِنْ يُشَارِكُهُ فِيهِ أَصْحَابُهُ. فَتِلْكَ الْإِصَابَةُ فِي مَعْنَى إصَابَةِ الْغَنِيمَةِ. وَمُجَرَّدُ الْأَخْذِ فِي الْغَنِيمَةِ لَا يُوجِبُ الْمِلْكَ قَبْلَ الْقِسْمَةِ فَكَذَلِكَ مَا يَكُونُ فِي مَعْنَاهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute