- قَالَ: فَإِنْ كَانَتْ السَّرِيَّةُ الْأُولَى مِائَةَ فَارِسٍ وَالثَّانِيَةُ خَمْسِينَ فَارِسًا وَخَمْسِينَ رَاجِلًا فَلَمَّا أَتَوْهُمْ لَمْ يُعْلِمُوهُمْ بِمَا جَعَلَ لَهُمْ الْإِمَامُ مِنْ النَّفْلِ حَتَّى أَصَابُوا غَنَائِمَ، فَإِنَّهَا تُقَسَّمُ بَيْنَ السَّرِيَّتَيْنِ أَوَّلًا عَلَى سِهَامِ الْفُرْسَانِ وَالرَّجَّالَةِ، ثُمَّ يُنْظَرُ إلَى مَا أَصَابَ السَّرِيَّةُ الْأُولَى فَيُعْطَوْنَ مِنْ ذَلِكَ نَفْلَهُمْ لَا يُنْقَصُونَ مِنْهُ شَيْئًا، وَإِلَى مَا أَصَابَ السَّرِيَّةُ الثَّانِيَةُ فَيُعْطَوْنَ مِنْهُ نَفْلَهُمْ أَيْضًا، ثُمَّ الْبَاقِي يُخَمَّسُ وَيُقَسَّمُ بَيْنَ السَّرِيَّتَيْنِ وَأَهْلِ الْعَسْكَرِ عَلَى قِسْمَةِ الْغَنِيمَةِ.
لِأَنَّ السَّرِيَّةَ الْأُولَى اسْتَحَقُّوا رُبْعَ مَا يُصِيبُونَ بِالتَّنْفِيلِ الْأَوَّلِ. فَكَمَا لَا يَمْلِكُ الْإِمَامُ إبْطَالَ حَقِّهِمْ بِالرُّجُوعِ عَنْ ذَلِكَ التَّنْفِيلِ بَعْدَ عِلْمِهِمْ، فَكَذَلِكَ لَا يَمْلِكُ إدْخَالَ ضَرَرِ النُّقْصَانِ عَلَيْهِمْ، بِاشْتِرَاكِ الْغَيْرِ مَعَهُمْ بِدُونِ عِلْمِهِمْ. لِأَنَّ الِاشْتِرَاكَ وَالْإِبْطَالَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا خِطَابٌ مِنْ الْإِمَامِ إيَّاهُمْ، فَلَا يَثْبُتُ حُكْمُهُ فِي حَقِّهِمْ مَا لَمْ يَعْلَمُوا بِهِ، بِمَنْزِلَةِ خِطَابِ الشَّرْعِ فِي حَقِّ الْمُخَاطَبِينَ. -
وَلَوْ أَخْبَرَتْ السَّرِيَّةُ الثَّانِيَةُ السَّرِيَّةَ الْأُولَى (ص ٢٢٢) بِمَا جَعَلَ لَهُمْ الْأَمِيرُ مِنْ الشَّرِكَةِ مَعَهُمْ فِي النَّفْلِ قَبْلَ أَنْ يُصِيبُوا الْغَنِيمَةَ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا، فَالنَّفَلُ بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ.
وَهَذَا لِأَنَّ التَّنْفِيلَ الْأَوَّلَ مِنْ الْإِمَامِ لَمْ يَكُنْ لَازِمًا قَبْلَ الْإِصَابَةِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ رَجَعَ عَنْهُ بِعِلْمِهِمْ كَانَ صَحِيحًا؟ فَكَذَلِكَ إذَا نَقَصَ حَقُّهُمْ بِالِاشْتِرَاكِ بِعِلْمِهِمْ.
- وَكَذَلِكَ إذَا أَعْلَمُوا بِذَلِكَ أَمِيرَ السَّرِيَّةِ الْأُولَى.
فَإِنَّ إعْلَامَ أَمِيرِهِمْ كَإِعْلَامِ جَمَاعَتِهِمْ، إذْ الْأَمِيرُ نَائِبٌ عَنْهُمْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute