للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كَأَنَّهُ أَنْشَأَ تَنْفِيلًا عَامًّا الْآنَ. فَإِنَّمَا يَسْتَحِقُّ بِهِ سَلَبَ مَا نَفَّلَ بَعْدَ ذَلِكَ. لِأَنَّ التَّنْفِيلَ لَا يَعْمَلُ فِيمَا صَارَ غَنِيمَةً قَبْلَهُ. بِاعْتِبَارِ أَنَّ الْكَلَامَ غَيْرُ مُتَنَاوِلٍ لَهُ، وَلَوْ كَانَ مُتَنَاوِلًا لَهُ لَمْ يَصِحَّ أَيْضًا، لِأَنَّهُ تَنْفِيلٌ بَعْدَ الْإِصَابَةِ.

- وَلَوْ قَالَ: إنْ قَتَلْت قَتِيلًا فَلِي سَلَبُهُ. وَمَنْ قَتَلَ مِنْكُمْ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ. ثُمَّ قَتَلَ الْأَمِيرُ قَتِيلَيْنِ، وَرَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ (ص ٢٢٤) قَتِيلَيْنِ. فَلِلْأَمِيرِ سَلَبُ الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي.

لِأَنَّهُ أَوْجَبَ لِنَفْسِهِ بِحَرْفٍ لَا يَقْتَضِي التَّكْرَارَ. وَهُوَ حَرْفُ الشَّرْطِ، أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ. فَدَخَلَتْ دَخْلَتَيْنِ لَمْ تَطْلُقْ إلَّا وَاحِدَةً. أَوْجَبَ لِلْقَوْمِ بِكَلِمَةِ (مَنْ) وَهِيَ عَامَّةٌ كَمَا بَيَّنَّا. فَيَتَنَاوَلُ كُلَّ قَتِيلٍ يَقْتُلُهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ، حَتَّى لَوْ قَتَلَ رَجُلٌ عِشْرِينَ قَتِيلًا كَانَ لَهُ أَسْلَابُهُمْ جَمِيعًا.

- وَلَوْ قَالَ لِرَجُلٍ مِنْهُمْ: إنْ قَتَلْت قَتِيلًا فَلَكَ سَلَبُهُ فَقَتَلَ رَجُلَيْنِ، كَانَ لَهُ سَلَبُ الْأَوَّلِ خَاصَّةً. لِمَا بَيَّنَّا أَنَّهُ عَلَّقَ اسْتِحْقَاقَهُ بِالشَّرْطِ. وَذَلِكَ يَنْتَهِي بِقَتْلِ الْأَوَّلِ. وَلَيْسَ فِي لَفْظِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى التَّكْرَارِ وَالْعُمُومِ.

- وَلَوْ قَالَ لِجَمِيعِ أَهْلِ الْعَسْكَرِ: إنْ قَتَلَ رَجُلٌ مِنْكُمْ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ. فَقَتَلَ رَجُلٌ عَشَرَةً مِنْهُمْ اسْتَحَقَّ أَسْلَابَهُمْ جَمِيعًا. وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ. وَفِي الْقِيَاسِ لَا يَسْتَحِقُّ إلَّا الْقَتِيلَ الْأَوَّلَ، كَمَا لَوْ خَصَّهُ بِالْإِيجَابِ بِهَذَا اللَّفْظِ. وَوَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَقْصِدْ لِإِنْسَانٍ بِعَيْنِهِ. فَقَدْ خَرَجَ الْكَلَامُ مِنْهُ عَامًّا.

<<  <   >  >>