لِأَنَّ تَعْمِيمَ الْعَشَرَةِ بِالْخِطَابِ بِمَنْزِلَةِ تَعْمِيمِ الْكُلِّ بِقَوْلِهِ: مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ. وَهَذَا لِأَنَّ ذَا الْعَدَدِ إذَا قُوبِلَ بِذِي عَدَدٍ يَنْقَسِمُ الْآحَادُ عَلَى الْآحَادِ. كَقَوْلِ الرَّجُلِ: أَعْطِ هَؤُلَاءِ الْعَشَرَةِ هَذِهِ الْعَشَرَةَ الدَّرَاهِمَ. وَالْفِعْلُ الْمُضَافُ إلَى جَمَاعَةٍ بِعِبَارَةِ الْجَمْعِ يَقْتَضِي الِانْقِسَامَ عَلَى الْأَفْرَادِ. كَمَا يُقَالُ: رَكِبَ الْقَوْمُ دَوَابَّهُمْ، فَإِنَّهُ يُفْهَمُ مِنْهُ رُكُوبُ كُلِّ أَحَدٍ دَابَّتَهُ. .
- وَلَوْ قَتَلَ تِسْعَةٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ تِسْعَةً مِنْهُمْ، وَقَتَلَ الْمُشْرِكُ الْمُسْلِمَ الْعَاشِرَ أَوْ هَرَبَ فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ، فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْقَاتِلِينَ سَلَبُ قَتِيلِهِ.
لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ هَذَا الْكَلَامِ جَعْلُ الْقَتْلِ سَبَبًا لِاسْتِحْقَاقِ السَّلَبِ لَا اشْتِرَاطَ قَتْلِهِمْ. حَتَّى لَا يَبْقَى مِنْهُمْ أَحَدٌ. إلَّا أَنْ يُبَيِّنَ ذَلِكَ فَيَقُولَ: لَكُمْ أَسْلَابُهُمْ إنْ قَتَلْتُمُوهُمْ كُلَّهُمْ، وَلَمْ تُغَادِرُوا مِنْهُمْ أَحَدًا. فَحِينَئِذٍ يَتَبَيَّنُ بِتَنْصِيصِهِ أَنَّهُ عَلَّقَ الِاسْتِحْقَاقَ بِشَرْطِ قَتْلِ الْكُلِّ وَالشَّرْطُ يُقَابِلُ الْمَشْرُوطَ جُمْلَةً وَلَا يُقَابِلُهُ جُزْءًا فَجُزْءًا. وَمَا لَمْ يَتِمَّ الشَّرْطُ لَا يَثْبُتُ شَيْءٌ مِنْ الْجَزَاءِ. فَأَمَّا إذَا لَمْ يُبَيِّنْ فَإِنَّمَا يُحْمَلُ مُطْلَقُ كَلَامِهِ عَلَى مَا هُوَ الْمَفْهُومُ عَادَةً، وَهُوَ التَّحْرِيضُ عَلَى دَفْعِ شَرِّهِمْ عَنْ الْمُسْلِمِينَ بِقَتْلِهِمْ، بِقَدْرِ مَا حَصَلَ مِنْ الْمَقْصُودِ يُسْتَحَقُّ السَّلَبُ. .
- وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ لِسَرِيَّةٍ: ائْتُوا حِصْنَ كَذَا، فَإِنْ قَتَلْتُمْ مُقَاتِلَتَهُ وَفَتَحْتُمُوهُ فَلَكُمْ الرُّبْعُ. فَقَتَلُوا بَعْضَهُمْ أَوْ قَتَلُوا رَأْسَهُمْ وَتَفَرَّقَ جَمِيعُهُمْ وَفَتَحُوا الْحِصْنَ، فَلَهُمْ النَّفَلُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute