للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

- وَعَلَى هَذَا لَوْ أَنَّ الْمُسْلِمَ حِينَ رُمِيَ بِهِ عَنْ فَرَسِهِ اجْتَرَّهُ الْمُشْرِكُونَ فَذَهَبُوا بِهِ حَيًّا فَلَا شَيْءَ لِلضَّارِبِ مِنْ فَرَسِهِ وَسَلَبِهِ مَا لَمْ يَعْلَمْ بِمَوْتِهِ مِنْ ضَرْبَتِهِ.

لِأَنَّ تَمَامَ السَّبَبِ بِهِ يَكُونُ، فَالِاسْتِحْقَاقُ يَثْبُتُ لَهُ ابْتِدَاءً، فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ التَّيَقُّنِ بِالسَّبَبِ، وَلَا يَكْفِي وُجُودُهُ ظَاهِرًا، بِمَنْزِلَةِ الشَّرْطِ الَّذِي تَعَلَّقَ بِهِ عِتْقٌ أَوْ طَلَاقٌ، فَإِنَّهُ مَا لَمْ يَتَيَقَّنْ بِهِ لَا يَنْزِلُ الْجَزَاءُ. وَإِنَّمَا طَرِيقُ مَعْرِفَةِ ذَلِكَ أَنْ يَشْهَدَ بِهِ عَدْلَانِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ. لِأَنَّ السَّلَبَ بِاعْتِبَارِ الظَّاهِرِ غَنِيمَةُ الْمُسْلِمِينَ. وَإِنَّمَا الْحَاجَةُ إلَى الِاسْتِحْقَاقِ عَلَيْهِمْ. فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إلَّا بِبَيِّنَةٍ تَقُومُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ عَلَى مَوْتِهِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ.

- فَأَمَّا إذَا مَاتَ الْمَضْرُوبُ بَعْدَ الْقِسْمَةِ وَالْبَيْعِ لَمْ يَكُنْ لِلْقَاتِلِ مِنْ السَّلَبِ شَيْءٌ وَلَوْ قَامَتْ الْبَيِّنَةُ بِهِ.

لِفَوَاتِ الْمَحَلِّ بِنُفُوذِ الْقِسْمَةِ وَالْبَيْعِ مِنْ الْإِمَامِ فِيهِ. .

١١٢٥ - وَلَوْ كَانَ قَالَ: مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ مِائَةُ دِرْهَمٍ. فَهَذَا وَالْأَوَّلُ سَوَاءٌ، إلَّا فِي خَصْلَةٍ وَاحِدَةٍ: وَهُوَ أَنَّهُ إذَا بِيعَتْ الْغَنَائِمُ ثُمَّ مَاتَ الْمَضْرُوبُ اسْتَحَقَّ الْمِائَةَ هَا هُنَا، مَا لَمْ يُقْسَمْ الثَّمَنُ. أَمَّا إذَا قُسِمَ الثَّمَنُ أَوْ قُسِمَتْ الْغَنِيمَةُ ثُمَّ مَاتَ الْمَضْرُوبُ فَلَا نَفْلَ لَهُ.

لِأَنَّ مَحَلَّ حَقِّهِ الْغَنِيمَةُ هَا هُنَا. وَبِالْبَيْعِ لَا يَفُوتُ هَذَا الْمَحَلُّ. فَإِنَّ الثَّمَنَ غَنِيمَةٌ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ قَائِمٌ مَقَامَ الْمَبِيعِ يُقْسَمُ بَيْنَ الْغَانِمِينَ. فَأَمَّا بِالْقِسْمَةِ يَفُوتُ مَحَلُّ حَقِّهِ فَيَبْطُلُ نَفْلُهُ. وَفِي الْأَوَّلِ مَحَلُّ حَقِّهِ السَّلَبُ، وَهُوَ يَفُوتُ بِالسَّلَبِ.

فَإِنَّ الثَّمَنَ لَيْسَ مِنْ السَّلَبِ فِي شَيْءٍ، فَفِي هَذَا يَقَعُ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. .

<<  <   >  >>