الْحَاجَةِ. فَإِذَا كَانَ لِلْمُسْتَأْمَنِينَ فَأَوْلَى. وَلِأَنَّ الْمُسْتَأْمَنِينَ حِينَ أَعَارُوهُمْ هَذَا الْمَالَ لِيُقَاتِلُوا بِهِ أَهْلَ الْعَدْلِ فَقَدْ رَضَوْا بِأَنْ يَكُونَ هَذَا بِمَنْزِلَةِ أَمْوَالِ الْخَوَارِجِ فِي حَقِّنَا. وَلَوْ ظَفِرْنَا بِأَمْوَالِ الْخَوَارِجِ جَازَ أَنْ نَفْعَلَ بِهِ هَذَا، فَكَذَلِكَ فِي أَمْوَالِ الْمُسْتَأْمَنِينَ إذَا كَانُوا هُمْ الَّذِينَ أَعَارُوهُمْ.
١٣٠٥ - وَإِنْ كَانُوا أَخَذُوا ذَلِكَ مِنْهُمْ غَصْبًا فَلَيْسَ يَنْبَغِي لِإِمَامِ أَهْلِ الْعَدْلِ أَنْ يَدْفَعَهُ إلَى أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْعَدْلِ لِيُقَاتِلَ بِهِ عِنْدَ عَدَمِ الضَّرُورَةِ.
لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْ الْمُسْتَأْمَنِينَ الرِّضَا بِأَنْ يُقَاتِلَ أَحَدٌ بِمَالِهِمْ. وَالْعِصْمَةُ ثَابِتَةٌ فِي أَمْوَالِهِمْ بِسَبَبِ الْأَمَانِ، بِخِلَافِ الْأَوَّلِ، فَقَدْ رَضَوْا هُنَالِكَ بِأَنْ يُقَاتَلَ بِمَالِهِمْ.
١٣٠٦ - وَعَلَى هَذَا لَوْ اسْتَهْلَكَ بَعْضُ أَهْلِ الْعَدْلِ ذَلِكَ الْمَالَ هُنَا ضَمِنَهُ لِلْمُسْتَأْمَنِينَ، وَفِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ لَمْ يَضْمَنْهُ، كَمَا لَا يَضْمَنُ مَالَ الْخَوَارِجِ.
وَكَذَلِكَ لَا يَنْبَغِي لِأَمِيرِ أَهْلِ الْعَدْلِ أَنْ يَبِيعَ هَذَا الْمَالَ هُنَا، إلَّا أَنْ يَخَافَ التَّلَفَ عَلَيْهِ فَيَبِيعَهُ حِينَئِذٍ.
لِأَنَّ عَيْنَ الْمَالِ مَحْفُوظٌ عَلَى الْمُسْتَأْمَنِينَ كَمَا هُوَ مَحْفُوظٌ عَلَى الْمُسْلِمِ.
فَهَذَا بِمَنْزِلَةِ مَالٍ لِبَعْضِ أَهْلِ الْعَدْلِ فِي يَدِهِ وَصَاحِبُهُ غَائِبٌ، فَيَحْفَظُ عَيْنَهُ. إلَّا أَنْ يَتَعَذَّرَ ذَلِكَ فَيَبِيعَهُ وَيَحْفَظَ ثَمَنَهُ عَلَيْهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute