فَإِنْ تَفَرَّقَ الْخَوَارِجُ قَبْلَ أَنْ يَبِيعَ الْإِمَامُ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُرَدُّ الْمَالُ فِي الْفَصْلَيْنِ عَلَى أَصْحَابِهِ لِيَرُدُّوهُ إلَى دَارِ الْحَرْبِ.
لِأَنَّ هَذَا بِمَنْزِلَةِ مَالِ الْخَوَارِجِ، وَهُنَاكَ يُرَدُّ عَلَيْهِمْ عَيْنُ مَالِهِمْ بَعْدَ مَا تَفَرَّقُوا.
وَلِأَنَّهُمْ أَعْطَوْا الْمَالَ هُنَا إلَى الْخَوَارِجِ بَعْدَ مَا ثَبَتَتْ الْعِصْمَةُ فِيهَا بِالْأَمَانِ، فَلَا يُحْبَسُ فِي دَارِنَا، بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ كَانَ الْأَمَانُ لَهُمْ مِنْ أَهْلِ الْعَدْلِ ثُمَّ أَعَارُوا الْخَوَارِجَ كُرَاعَهُمْ وَسِلَاحَهُمْ.
١٣٠٧ - وَلَوْ أَنَّ الْخَوَارِجَ آمَنُوا قَوْمًا مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ عَلَى أَنْ يُقَاتِلُوا مَعَهُمْ أَهْلَ الْعَدْلِ، فَخَرَجُوا فَقَاتَلُوا، أَوْ لَمْ يُقَاتِلُوا، حَتَّى ظَهَرَ أَهْلُ الْعَدْلِ عَلَيْهِمْ، فَلَيْسَ يَقَعُ عَلَى أَهْلِ الْحَرْبِ سَبْيٌ وَلَا تَكُونُ أَمْوَالُهُمْ غَنِيمَةً.
لِأَنَّهُمْ حِينَ أَعْطَوْهُمْ الْأَمَانَ فَقَدْ ثَبَتَتْ لَهُمْ الْعِصْمَةُ فِي نُفُوسِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ، وَبِسَبَبِ الْقِتَالِ لَا يُنْبَذُ ذَلِكَ الْأَمَانُ، لِأَنَّهُمْ قَاتَلُوا بِمَنَعَةِ الْخَوَارِجِ. فَكَمَا أَنَّ الْقِتَالَ مِنْ الْخَوَارِجِ لَا يَكُونُ نَقْضًا لِأَمَانِهِمْ، فَكَذَلِكَ الْقِتَالُ مِنْ الْمُسْتَأْمَنِينَ مَعَهُمْ لَا يَكُونُ نَقْضًا لِلْأَمَانِ، وَلَكِنَّ حُكْمَهُمْ كَحُكْمِ الْخَوَارِجِ فِيمَا يَحِلُّ مِنْهُمْ وَمَا يَحْرُمُ، وَفِي التَّنْفِيلِ فِي السَّلَبِ.
وَهَذَا بِخِلَافِ مَا سَبَقَ إذَا قَالُوا لَهُمْ: اُخْرُجُوا فَقَاتِلُوا مَعَنَا، وَلَمْ يَذْكُرُوا الْأَمَانَ.
لِأَنَّ أُولَئِكَ لَمْ تَثْبُتْ لَهُمْ الْعِصْمَةُ فِي نُفُوسِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ. فَإِنَّ انْضِمَامَهُمْ إلَى الْخَوَارِجِ لِلْقِتَالِ مَعَنَا لَا يُوجِبُ ذَلِكَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute