وَلَوْ أَنَّ الْخَوَارِجَ كَانُوا هُمْ الدَّاخِلِينَ عَلَيْهِمْ فِي دَارِ الْحَرْبِ (ص ٢٥٢) فَأَمَّنَ الْقَوْمُ بَعْضَهُمْ بَعْضًا، ثُمَّ ظَهَرَ عَلَيْهِمْ أَهْلُ الْعَدْلِ: فَإِنْ كَانَ أَهْلُ الْحَرْبِ فِي عِزِّهِمْ وَمَنَعَتِهِمْ فَهُمْ فَيْءٌ، وَمَنْ قَتَلَ مِنْهُمْ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ.
لِأَنَّهُمْ فِي عِزِّهِمْ وَمَنَعَتِهِمْ لَا يَكُونُونَ مُسْتَأْمَنِينَ. وَإِنَّمَا الْخَوَارِجُ هُمْ الْمُسْتَأْمَنُونَ إلَيْهِمْ. وَلِأَنَّهُمْ حِينَ قَاتَلُوا فِي مَنَعَتِهِمْ وَدَارِهِمْ فَقَدْ انْتَبَذَ الْأَمَانُ الَّذِي كَانَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ، فَكَانُوا أَهْلَ حَرْبٍ ظَفِرْنَا بِهِمْ.
١٣٠٩ - وَإِنْ كَانُوا خَرَجُوا إلَى عَسْكَرِ الْخَوَارِجِ بِأَمَانٍ، وَكَانُوا غَيْرَ مُمْتَنِعِينَ إلَّا بِمَنَعَةِ الْخَوَارِجِ فَإِنَّهُ لَا يَقَعُ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ سَبْيٌ.
لِأَنَّهُمْ مُسْتَأْمَنُونَ فِي مَنَعَةِ الْخَوَارِجِ، وَالْمُسْتَأْمَنُ فِي عَسْكَرِ الْمُسْلِمِينَ فِي دَارِ الْحَرْبِ كَالْمُسْتَأْمَنِ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ فِي حُكْمِ الْعِصْمَةِ. وَلِأَنَّ الْأَمَانَ لَمْ يُنْبَذْ بِقِتَالِهِمْ حِينَ لَمْ يَكُونُوا أَهْلَ مَنَعَةٍ بِأَنْفُسِهِمْ.
١٣١٠ - وَلَوْ أَنَّ الْخَوَارِجَ طَلَبُوا إلَى تُجَّارِ أَهْلِ الْحَرْبِ مُسْتَأْمَنِينَ فِيهِمْ أَنْ يُعِينُوهُمْ عَلَى أَهْلِ الْعَدْلِ، فَأَنْعَمُوا لَهُمْ، وَعَلِمَ ذَلِكَ أَهْلُ الْعَدْلِ لَمْ يَحِلَّ لَهُمْ التَّعَرُّضُ لَهُمْ بِقَتْلٍ وَلَا أَخْذِ مَالٍ حَتَّى يَنْصِبُوا الْحَرْبَ لِأَهْلِ الْعَدْلِ.
لِأَنَّهُمْ مُسْتَأْمَنُونَ، فَحُكْمُهُمْ كَحُكْمِ أَهْلِ الذِّمَّةِ. وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الذِّمَّةِ قَصَدُوا أَنْ يُقَاتِلُوا الْمُسْلِمِينَ فَمَا لَمْ يَظْهَرُوا ذَلِكَ لَا يَحِلُّ التَّعَرُّضُ لَهُمْ، وَلِأَنَّهُمْ حِينَ أَنْعَمُوا لِلْخَوَارِجِ كَانُوا بِمَنْزِلَةِ الْخَوَارِجِ، وَالْخَوَارِجُ مَا لَمْ يَنْصِبُوا لِقِتَالِ أَهْلِ الْعَدْلِ لَا يَحِلُّ التَّعَرُّضُ لَهُمْ فِي نَفْسٍ أَوْ مَالٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute