للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لِأَنَّ نَبْذَ الْأَمَانِ تَأْثِيرُهُ فِي إطْلَاقِ الْأَمَانِ وَالِاسْتِغْنَامِ، فَيَجُوزُ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ كَالطَّلَاقِ. وَلِأَنَّ النَّبْذَ يَحْتَاجُ إلَيْهِ لِنَفْيِ الْغُرُورِ، وَذَلِكَ يَحْصُلُ بِالنَّبْذِ بِهَذِهِ الصِّفَةِ. .

١٣٢٦ - وَلَوْ أَنَّ مُسْلِمًا أَمَّنَ حَرْبِيًّا فَكَرِهَ الْإِمَامُ مَقَامَهُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ فَإِنَّهُ يَتَقَدَّمُ إلَيْهِ فِي الْخُرُوجِ.

وَلِأَنَّ لِلْإِمَامِ وِلَايَةَ النَّبْذِ بَعْدَ صِحَّةِ الْأَمَانِ، فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إلَّا بَعْدَ أَنْ يُبْلِغَهُ مَأْمَنَهُ، فَيَتَقَدَّمُ إلَيْهِ فِي الْخُرُوجِ، وَيُجْعَلُ لَهُ مِنْ الْمُهْلَةِ مَا يَتَمَكَّنُ فِيهَا مِنْ الْخُرُوجِ بِغَيْرِ ضَرَرٍ، بِمَنْزِلَةِ الْمُسْتَأْمَنِ إذَا طَالَ الْمَقَامُ فِي دَارِنَا. وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ الْحُكْمِ فِيهِ.

١٣٢٧ - وَلَوْ قَالَ الْإِمَامُ لِحَرْبِيٍّ: لَا تَدْخُلْ دَارَنَا بِأَمَانِ فُلَانٍ فَإِنَّك إنْ دَخَلْت بِأَمَانِهِ فَأَنْتَ فَيْءٌ، ثُمَّ دَخَلَ بِأَمَانِهِ لَمْ يَكُنْ فَيْئًا.

لِأَنَّ حَجْرَ الْمُسْلِمِ عَنْ إعْطَاءِ الْأَمَانِ بَاطِلٌ، فَإِنَّهُ لَا تَنْعَدِمُ بِحَجْرِهِ الْعِلَّةُ الْمُصَحِّحَةُ لِأَمَانِهِ، فَيَكُونُ حَجْرُهُ إبْطَالًا لِحُكْمِ الشَّرْعِ. وَلَا يُمْكِنُ جَعْلُ كَلَامِهِ نَبْذًا لِأَمَانٍ وَهُوَ فِي دَارِنَا. لِأَنَّ نَبْذَ الْأَمَانِ بَعْدَ إعْطَاءِ الْأَمَانِ لَا يَصِحُّ مَا لَمْ يَبْلُغْ مَأْمَنَهُ، فَكَذَلِكَ قَبْلَ إعْطَاءِ الْأَمَانِ. وَبِهِ فَارَقَ الْمُوَادِعِينَ، لِأَنَّ أُولَئِكَ فِي مَنَعَتِهِمْ، وَنَبْذُ الْأَمَانِ صَحِيحٌ لَوْ حَصَلَ مِنْهُ بَعْدَ الْأَمَانِ، فَكَذَلِكَ قَبْلَهُ. فَأَمَّا هَذَا فِي دَارِنَا فَلَا يَمْلِكُ أَحَدٌ نَبْذَ أَمَانِهِ مَا لَمْ يَبْلُغْ مَأْمَنَهُ. وَالْإِمَامُ وَغَيْرُهُ فِيهِ سَوَاءٌ.

١٣٢٨ - وَلَوْ قَالَ الْإِمَامُ لِأَهْلِ الْحَرْبِ: مَنْ دَخَلَ مِنْكُمْ دَارَنَا بِأَمَانِ فُلَانٍ فَهُوَ ذِمَّةٌ لَنَا. فَدَخَلَ رَجُلٌ قَدْ عَلِمَ تِلْكَ الْمَقَالَةَ بِأَمَانِ فُلَانٍ. فَهُوَ ذِمَّةٌ، وَلَا يُتْرَكُ يَرْجِعُ إلَى دَارِ الْحَرْبِ.

<<  <   >  >>