للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَإِنَّمَا اُسْتُحِبَّ فِي الرَّايَاتِ السَّوَادُ لِأَنَّهُ عَلَمٌ لِأَصْحَابِ الْقِتَالِ، وَكُلُّ قَوْمٍ يُقَاتِلُونَ عِنْدَ رَايَتِهِمْ، وَإِذَا تَفَرَّقُوا فِي حَالِ الْقِتَالِ يَتَمَكَّنُونَ مِنْ الرُّجُوعِ إلَى رَايَتِهِمْ، وَالسَّوَادُ فِي ضَوْءِ النَّهَارِ أَبْيَنُ وَأَشْهَرُ مِنْ غَيْرِهِ خُصُوصًا فِي الْغُبَارِ. فَلِهَذَا اُسْتُحِبَّ ذَلِكَ.

فَأَمَّا مِنْ حَيْثُ الشَّرْعُ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ تُجْعَلَ الرَّايَاتُ بِيضًا أَوْ صُفْرًا أَوْ حُمْرًا، وَإِنَّمَا يُخْتَارُ الْأَبْيَضُ فِي اللِّوَاءِ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «إنَّ أَحَبَّ الثِّيَابِ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى الْبِيضُ، فَلْيَلْبَسْهَا أَحْيَاؤُكُمْ وَكَفِّنُوا فِيهَا مَوْتَاكُمْ» . وَاللِّوَاءُ لَا يَكُونُ إلَّا وَاحِدًا فِي كُلِّ جَيْشٍ، وَرُجُوعُهُمْ إلَيْهِ عِنْدَ حَاجَتِهِمْ إلَى رَفْعِ أُمُورِهِمْ إلَى السُّلْطَانِ. فَيُخْتَارُ الْأَبْيَضُ لِذَلِكَ لِيَكُونَ مُمَيَّزًا مِنْ الرَّايَاتِ السُّودِ الَّتِي هِيَ لِلْقُوَّادِ.

٥٥ - وَذَكَرَ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: وَاَللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتنِي وَإِنِّي لَأَعْدَوْ فِي إثْرِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَمَا أَدْرَكْته حَتَّى انْتَهَى إلَى الْحِصْنِ يَوْمَ خَيْبَرَ. فَخَرَجَتْ غَادِيَةُ الْيَهُودِ، يَعْنِي الَّذِينَ يَغْدُونَ مِنْ الْعُمَّالِ - وَمِنْهُمْ مَنْ يَرْوِي: عَادِيَةُ الْيَهُودِ. وَالْمُرَادُ بِهِ الْأَكَابِرُ مِنْ الْمُبَارِزِينَ - قَالَ: فَفَتَحُوا بَابَهُمْ الَّذِي يَلِي الْمُسْلِمِينَ.

وَكَانَتْ لَهُمْ حُصُونٌ مِنْ وَرَائِهَا جُدُرٌ ثَلَاثَةٌ، يَخَافُونَ الْبَيَاتَ

<<  <   >  >>