للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِالنَّطَاةِ، عَمِلَهَا أَكَابِرُ الْيَهُودِ، وَلَا تُطِيقُهَا الْخَيْلُ، فَخَرَجُوا مِنْ حِصْنِهِمْ ذَلِكَ وَتِلْكَ الْجُدُرُ حَتَّى أَصْحَرُوا لِلْمُسْلِمِينَ - أَيْ خَرَجُوا إلَى الصَّحْرَاءِ - فَخَرَجَ مَرْحَبٌ وَهُوَ يَرْتَجِزُ وَيَقُولُ:

قَدْ عَلِمَتْ خَيْبَرُ أَنِّي مَرْحَبُ ... شَاكِّي السِّلَاحِ بَطَلٌ مُجَرَّبُ

أَضْرِبُ أَحْيَانَا وَحِينًا أُضْرَبُ ... أَكْفِي إذَا أَشْهَدُ مِنْ يُغَيَّبُ

وَمَرْحَبٌ الشَّاعِرُ هَذَا قَتَلَهُ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. وَالْقِصَّةُ مَعْرُوفَةٌ فِي الْمَغَازِي. وَمَقْصُودُهُ مَا ذُكِرَ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَرَّقَ الرَّايَاتِ وَإِنَّمَا كَانَتْ الْأَلْوِيَةُ قَبْلَ ذَلِكَ فَجَعَلَ الرَّايَاتِ يَوْمَئِذٍ» .

٥٦ - قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَيَنْبَغِي أَنْ يَتَّخِذَ كُلُّ قَوْمٍ شِعَارًا إذَا خَرَجُوا فِي مَغَازِيهِمْ حَتَّى إنْ ضَلَّ رَجُلٌ عَنْ أَصْحَابِهِ نَادَى بِشِعَارِهِمْ. وَكَذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لِأَهْلِ كُلِّ رَايَةٍ شِعَارٌ مَعْرُوفٌ، حَتَّى إنْ ضَلَّ رَجُلٌ عَنْ أَهْلِ رَايَتِهِ نَادَى بِشِعَارِهِ فَيَتَمَكَّنَ مِنْ الرُّجُوعِ إلَيْهِمْ. وَلَيْسَ ذَلِكَ بِوَاجِبٍ فِي الدِّينِ، حَتَّى لَوْ لَمْ يَفْعَلُوا لَمْ يَأْثَمُوا، وَلَكِنَّهُ أَفْضَلُ وَأَقْوَى عَلَى الْحَرْبِ، وَأَقْرَبُ إلَى مُوَافَقَةِ مَا جَاءَتْ بِهِ الْآثَارُ عَلَى مَا رُوِيَ عَنْ سِنَانِ بْنِ وَبْرَةَ الْجُهَنِيِّ قَالَ: «كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي

<<  <   >  >>