للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لِأَنَّهُ نُصِبَ نَاظِرًا، فَلَا يَدَعْ الْأَسِيرَ لِيَعُودَ حَرْبًا لَنَا إلَّا بِمَنْفَعَةٍ عَظِيمَةٍ لِلْمُسْلِمِينَ. .

نَحْوُ أَنْ يَقُولَ: أَدُلّكُمْ عَلَى مِائَةٍ مِنْ بِطَارِقَتِهِمْ، فَذَرُونِي أَرْجِعُ إلَى بِلَادِي. فَيُعْلَمُ أَنَّ حَظَّ الْمُسْلِمِينَ فِيمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ أَكْثَرُ مِنْ حَظِّهِمْ فِي أَسْرِهِ. فَحِينَئِذٍ لَا بَأْسَ بِإِجَابَتِهِ إلَى ذَلِكَ. وَإِنْ دَلَّهُمْ الْأَسِيرُ عَلَى تِسْعَةٍ وَذَهَبَ مَعَهُمْ أَوْ لَمْ يَذْهَبْ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ رَقَبَتِهِ. .

لِأَنَّ عِتْقَهُ هُنَا بِاعْتِبَارِ الشَّرْطِ، وَالشَّرْطُ يُقَابِلُ الْمَشْرُوطَ جُمْلَةً. فَمَا لَمْ يَأْتِ بِكَمَالِ الشَّرْطِ لَا يَسْتَحِقُّ الْعِتْقَ. أَوْ هَذَا صُلْحٌ مِنْ رَقَبَتِهِ عَلَى شَرْطٍ الْتَزَمَهُ، فَمَا لَمْ يَأْتِ بِذَلِكَ الشَّرْطِ بِكَمَالِهِ لَمْ يَتِّمْ الصُّلْحُ وَلَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا مِمَّا وَقَعَ الصُّلْحُ عَلَيْهِ. بِخِلَافِ الْمُسْلِمِ. فَإِنَّ اسْتِحْقَاقَهُ لِلنَّفْلِ كَانَ بِاعْتِبَارِ عَمَلٍ فِيهِ مَنْفَعَةٌ لِلْمُسْلِمِينَ. فَبِقَدْرِ مَا يَحْصُلُ مِنْ الْمَنْفَعَةِ بِعَمَلِهِ يَسْتَحِقُّ النَّفَلَ. .

- وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْأَمِيرُ قَالَ لِلْأَسِيرِ: إنْ دَلَلْتنَا عَلَى عَشَرَةٍ فَأَنْتَ آمِنٌ مِنْ أَنْ نَقْتُلَك. فَدَلَّ عَلَى تِسْعَةٍ، كَانَ لَهُ أَنْ يَقْتُلَهُ. .

لِأَنَّهُ عَلَّقَ الْأَمَانَ لَهُ بِالشَّرْطِ، فَمَا لَمْ يَتِمَّ الشَّرْطُ لَا يَسْتَفِيدُ الْأَمْنَ. .

- وَكَذَلِكَ لَوْ أَنَّ أَهْلَ حِصْنٍ نَزَلَ عَلَيْهِمْ الْمُسْلِمُونَ قَالُوا: إنْ دَلَلْنَاكُمْ عَلَى عَشَرَةٍ مِنْ الْبَطَارِقَةِ أَتُؤَمِّنُونَا وَتَرْجِعُونَ عَنَّا؟ فَقَالُوا: نَعَمْ. فَدَلْوهمْ عَلَى خَمْسَةٍ أَوْ عَلَى تِسْعَةٍ، فَلَيْسُوا بِآمَنِينَ. وَلَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَرْجِعُوا عَنْهُمْ.

لِأَنَّ الشَّرْطَ لَمْ يَتِمَّ، فَلَا يَنْزِلُ شَيْءٌ مِنْ الْجَزَاءِ.

<<  <   >  >>