للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

- وَلَوْ قَالُوا لِلْمُسْلِمِينَ: نُعْطِيكُمْ مِائَةً مِنْ الرُّءُوسِ، أَوْ أَلْفَ دِينَارٍ عَلَى أَنْ تُؤَمِّنُونَا وَتَرْجِعُوا عَنَّا عَامَكُمْ هَذَا. ثُمَّ أَعْطَوْا بَعْضَ الْمَالِ، فَلِلْمُسْلِمِينَ أَنْ يُقَاتِلُوهُمْ. .

لِأَنَّ الْأَمَانَ تَعَلَّقَ بِأَدَاءِ جَمِيعِ الْمَالِ، فَلَا يَثْبُتُ بِأَدَاءِ بَعْضِ الْمَالِ. .

وَلَكِنْ إنْ أَرَادُوا قِتَالَهُمْ فَلْيَرُدُّوا عَلَيْهِمْ مَا أَخَذُوا، ثُمَّ يُنَابَذُوهُمْ لِلتَّحَرُّزِ عَنْ الْغَدْرِ وَدَفْعِ الضَّرَرِ عَنْهُمْ. فَإِنَّهُمْ إنَّمَا أَعْطَوْا مَا لَهُمْ عَلَى سَبِيلِ الدَّفْعِ عَنْ نُفُوسِهِمْ. وَهَذَا بِخِلَافِ مَا سَبَقَ مِنْ الدَّلَالَة عَلَى عَشْرَةٍ مِنْ الْبَطَارِقَةِ. فَإِنَّهُ هُنَاكَ إنْ دَلُّوا عَلَى بَعْضِهِمْ فَلَنَا أَنْ نُقَاتِلَهُمْ مِنْ غَيْرِ رَدِّ شَيْءٍ عَلَيْهِمْ. .

لِأَنَّا مَا تَمَلَّكْنَا عَلَيْهِمْ شَيْئًا مِنْ الْمَالِ بِمُقَابِلَةِ مَا وَعَدْنَا لَهُمْ مِنْ الْأَمَانِ. وَلَوْ قَاتَلْنَاهُمْ مِنْ غَيْرِ رَدِّ شَيْءٍ لَا يُؤَدِّي إلَى الْإِضْرَارِ بِهِمْ بِطَرِيقِ إهْدَارِ مُلْكِهِمْ. وَهَا هُنَا تَمَلَّكْنَا الْمَالَ بِمُقَابِلَةِ مَا شَرْطنَا لَهُمْ، فَيَجِبُ الرَّدُّ عَلَيْهِمْ إذَا لَمْ يَحْصُلْ لَهُمْ مَنْفَعَةُ الْأَمَانِ بِهِ.

- وَإِنْ أَبَى الْإِمَامُ أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِمْ (ص ٢٦٠) فَلْيَرْجِعْ عَنْهُمْ وَلَا يُقَاتِلْهُمْ، إظْهَارًا لِلْمُسَامَحَةِ وَإِتْمَامًا لِلْوَفَاءِ بِالشَّرْطِ. وَإِنْ هَلَكَ بَعْضُ السَّبْيِ الْمَأْخُوذِ مِنْهُمْ ثُمَّ أَرَدْنَا قِتَالَهُمْ فَلَا بُدَّ مِنْ رَدِّ مَا بَقِيَ مِنْ السَّبْيِ وَقِيمَةِ مَنْ هَلَكَ مِنْهُمْ.

لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِالرَّدِّ دَفْعُ الضَّرَرِ وَالْخَسْرَانِ عَنْهُمْ، وَالتَّحَرُّزِ عَنْ الْغَدْرِ.

وَذَلِكَ يَحْصُلُ بِرَدِّ الْقِيمَةِ عِنْدَ تَعَذُّرِ رَدِّ الْعَيْنِ، كَمَا يَحْصُلُ بِرَدِّ الْعَيْنِ. .

<<  <   >  >>