للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فَدَلَّهُمْ رَجُلٌ بِوَصْفٍ ذَكَرَهُ، فَمَضَوْا عَلَى دَلَالَتِهِ حَتَّى أَصَابُوا الطَّرِيقَ وَلَمْ يَذْهَبْ هُوَ مَعَهُمْ، فَلَا شَيْءَ لَهُ. .

لِأَنَّ مَا أَوْجَبَ كَانَ عَلَى سَبِيلِ الْأُجْرَةِ لَا عَلَى سَبِيلِ التَّنْفِيلِ. إذْ التَّنْفِيلُ بَعْدَ إحْرَازِ الْغَنِيمَةِ لَا يَجُوزُ. وَإِرْشَادُ الْمُتَحَيِّرِ إلَى الطَّرِيقِ لَيْسَ مِنْ الْجِهَادِ لِيَسْتَحِقَّ عَلَيْهِ النَّفَلَ. فَعَرَفْنَا أَنَّهُ إجَارَةٌ. وَاسْتِحْقَاقُ الْأَجْرِ بِعَمَلٍ لَا بِقَوْلٍ. فَلِهَذَا لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا إذَا لَمْ يَذْهَبْ مَعَهُمْ.

- وَإِنْ ذَهَبَ مَعَهُمْ حَتَّى دَلَّهُمْ عَلَى الطَّرِيقِ فَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ فِي ذَهَابِهِ مَعَهُمْ. لِأَنَّهُ أَتَى بِالْعَمَلِ بِحُكْمِ إجَارَةٍ فَاسِدَةٍ. فَإِنَّ الْمَقْصُودَ عَلَيْهِ مِنْ الْعَمَلِ لَمْ يَكُنْ مَعْلُومًا حِينَ لَمْ يُتَبَيَّنْ إلَى أَيِّ مَوْضِعِ يَذْهَبُ مَعَهُمْ. وَرُبَّمَا يُوَصِّلُهُمْ إلَى الطَّرِيقِ بِعَشْرَةِ خُطًى، وَرُبَّمَا لَا يُوَصِّلُهُمْ إلَّا بِمَسِيرَةِ عَشَرَةِ أَيَّامٍ. وَجَهَالَةُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ تُفْسِدُ الْعَقْدَ.

- ثُمَّ إنْ كَانَ الْمَشْرُوطُ لَهُ مِائَةَ دِرْهَمٍ فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّ بِهِ أَجْرَ الْمِثْلِ لَا يُجَاوِزُ بِهِ مِائَةً، كَمَا هُوَ الْحُكْمُ فِي الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ إذَا كَانَ الْمُسَمَّى مَعْلُومًا. وَإِنْ كَانَ الْمَشْرُوطُ رَأْسًا مِنْ السَّبْيِ فَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ بَالِغًا مَا بَلَغَ.

لِأَنَّ تَسْمِيَةَ الرَّأْسِ مُطْلَقًا فِي بَابِ الْإِجَارَةِ لَا يَكُونُ تَسْمِيَةً صَحِيحَةً. وَهَذَا لِأَنَّهُ إنَّمَا لَا يُجَاوِزُهُ الْمُسَمَّى لِتَمَامِ الرِّضَا بِهِ، وَذَلِكَ يَتَحَقَّقُ فِي الْمِائَةِ وَلَا يَتَحَقَّقُ فِي الرَّأْسِ، لِأَنَّ الرُّءُوسَ تَتَفَاضَلُ فِي الْمَالِيَّةِ. .

<<  <   >  >>