تَحَيَّرَ فَقَالَ لِلْأُسَرَاءِ: مَنْ دَلَّنَا عَلَى الطَّرِيقِ فَهُوَ حُرٌّ. أَوْ قَالَ: فَلَهُ مِائَةُ دِرْهَمٍ، فَفَعَلَ ذَلِكَ بَعْضُهُمْ، فَإِنْ كَانَ شَرَطَ لَهُ مِائَةً فَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ لَا يُجَاوِزُ بِهِ الْمِائَةَ وَيَكُونُ ذَلِكَ لِمَوْلَاهُ.
لِأَنَّ الْمِلْكَ قَدْ تَعَيَّنَ فِيهِمْ هُنَا. فَمَا أَوْجَبَهُ يَكُونُ عَلَى وَجْهِ الْإِجَارَةِ دُونَ الصُّلْحِ وَالْأَمَانِ.
- وَلِهَذَا لَوْ دَلَّهُمْ بِمُجَرَّدِ كَلَامٍ وَلَمْ يَذْهَبْ مَعَهُمْ لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا. وَإِنْ كَانَ قَالَ: فَهُوَ حُرٌّ، فَهَذَا بَاطِلٌ.
لِأَنَّ الْأَمِيرَ لَا يَمْلِكُ أَنْ يُعْتِقَ أَرِقَّاءَ الْمُلَّاكِ بَعْدَ مَا تَعَيَّنَ مُلْكُهُمْ فِيهِمْ.
- وَلَوْ تَحَيَّرَ قَبْلَ قِسْمَتِهِمْ فَقَالَ: مَنْ دَلَّنَا مِنْكُمْ عَلَى الطَّرِيقِ فَهُوَ حُرٌّ. فَدَلَّهُمْ أَسِيرٌ عَلَى طَرِيقٍ بَيِّنٍ، إلَّا أَنَّهُ طَرِيقٌ يَأْخُذُ إلَى دَارِ الْحَرْبِ لَا إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ. فَإِنْ كَانُوا تَحَيَّرُوا فِي الدُّخُولِ فَهَذِهِ دَلَالَةٌ وَالْأَسِيرُ حُرٌّ. وَإِنْ كَانُوا تَحَيَّرُوا فِي الِانْصِرَافِ فَلَيْسَتْ هَذِهِ بِدَلَالَةٍ.
وَإِنْ دَلَّهُمْ عَلَى طَرِيقٍ يَأْخُذُ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ لَا إلَى دَارِ الْحَرْبِ فَالتَّقْسِيمُ فِيهِ عَلَى عَكْسِ هَذَا.
لِأَنَّ مُطْلَقَ الْكَلَامِ يَتَقَيَّدُ بِدَلَالَةِ الْحَالِ، وَقَدْ عِلْمنَا أَنَّ مُرَادَهُ فِي حَالَةِ الدُّخُولِ الدَّلَالَةُ عَلَى طَرِيقٍ يُوَصِّلُهُ إلَى مَقْصِدِهِ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ. وَفِي الِانْصِرَافِ مَقْصُودُهُ الدَّلَالَةُ عَلَى طَرِيقٍ يُوَصِّلُهُ إلَى مَقْصِدِهِ مِنْ دَارِ الْإِسْلَامِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute