- فَإِنْ كَانَ الَّذِينَ دَلُّوهُمْ قَطَعُوا الْحِبَالَ بِغَيْرِ أَمْرِهِمْ، فَوَقَعُوا فِي الْمَطْمُورَةِ فَقَاتَلُوا حَتَّى فَتَحُوا، لَمْ يَكُنْ مِنْ النَّفْلِ شَيْءٌ.
لِأَنَّهُمْ مَا دَخَلُوهَا، وَإِنَّمَا أُلْقُوا فِيهَا. فَإِنَّ الْقَطْعَ إذَا كَانَ بِغَيْرِ أَمْرِهِمْ لَا يَكُونُ فِعْلُ الْقَاطِع مُضَافًا إلَيْهِمْ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ بِأَمْرِهِمْ. أَلَا تَرَى أَنَّهُمْ لَوْ عَطَبُوا فِي هَذَا الْفَصْلِ مِنْ وَقْعَتِهِمْ ضَمِنَ الْقَاطِعُونَ دِيَاتِهِمْ. وَفِي الْأَوَّلِ لَا يَضْمَنُونَ شَيْئًا. بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ أَلْقَوْا أَنْفُسَهُمْ فِيهَا. فَكَيْفَ يَسْتَقِيمُ أَنْ يُجْمَعَ لَهُمْ بَيْنَ النَّفْلِ وَالدِّيَاتِ.
- وَلَوْ زَلِقَتْ رِجْلُ أَحَدٍ مِنْ الْوَاقِفِينَ فَوْقَ الْمَطْمُورَةِ وَهُوَ يُقَاتِلُ فَوَقَعَ فِيهَا فَلَهُ النَّفَلُ.
لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي وَضَعَ قَدَمَهُ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ، وَمَا طَرَأَ عَلَى فِعْلِهِ فِعْلٌ آخَرُ مُعْتَبَرٌ. فَيَكُونُ حُصُولُهُ فِيهَا مُضَافًا إلَى فِعْلِهِ، كَأَنَّهُ دَخَلَهَا قَصْدًا.
- وَلَوْ دَفَعَهُ إنْسَانٌ فِيهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مِنْ النَّفْلِ شَيْءٌ.
لِأَنَّهُ طَرَأَ عَلَى فِعْلِهِ فِعْلٌ مُعْتَبَرٌ، فَيَكُونُ هُوَ مُلْقًى فِيهَا لَا دَاخِلًا. إلَّا أَنْ يَكُونَ أَمَرَ بَعْضَ أَصْحَابِهِ بِأَنْ يُرْمَى بِهِ فِيهَا. فَإِنَّ فِعْلَ الْغَيْرِ بِأَمْرِهِ كَفِعْلِهِ بِنَفْسِهِ. وَهَذَا لِأَنَّ الْمَقْصُودَ إظْهَارُ الْجُرْأَةِ وَذَلِكَ يَحْصُلُ فِيمَا فَعَلَ بِهِ غَيْرُهُ (ص ٢٧٧) بِأَمْرِهِ، وَلَا يَحْصُلُ إذَا فَعَلَ بِهِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ.
- وَلَوْ أَنَّ أَصْحَابَهُ دَلُّوهُ فِيهَا، فَقَطَعَ أَهْلُ الْحَرْبِ الْحِبَالَ بِالسُّيُوفِ، فَوَقَعَ فِيهَا وَقَاتَلَ حَتَّى فُتِحَتْ الْمَطْمُورَةُ فَلَهُ النَّفَلُ.
لِأَنَّهُ قَدْ بَلَغَ مَوْضِعَ الْقِتَالِ حَيْثُ وَصَلَتْ السُّيُوفُ إلَى الْحِبَالِ فَقَطَعُوهَا، أَوْ إلَى الْقُدُورِ فَكَسَرُوهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute