لَسْت أَطْمَعُ فِي أَنْ تَدْخُلَ أَوَّلًا.
يَتَبَيَّنُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مُرَادُهُ أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَيْهِ الدُّخُولَ ثَانِيًا. وَإِنَّمَا مُرَادُهُ التَّحْرِيضُ عَلَى إظْهَارِ الْجِدِّ فِي الْقِتَالِ. وَقَدْ أَتَى بِهِ عَلَى أَكْمَلِ الْوُجُوهِ.
- وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَذْكُرْ هَذِهِ الْمُقَدِّمَةَ، وَلَكِنْ قَالَ: إنْ دَخَلَتْ ثَانِيًا فَلَكَ رَأْسَانِ فَدَخَلَ أَوَّلًا فَإِنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا.
لِأَنَّ مَقْصُودَ الْإِمَامِ هَا هُنَا أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ أَنْ يَدْخُلَ أَوَّلًا إبْقَاءً عَلَى نَفْسِهِ. فَإِنَّهُ عَلِمَ أَنَّهُ يَقْتَحِمُ الْمَهَالِكَ، فَأَرَادَ أَنْ لَا يَدْخُلَ وَحْدَهُ حَتَّى يَدْخُلَ غَيْرُهُ قَبْلَهُ أَوْ مَعَهُ، لِيَكُونَ أَقْوَى لَهُ. فَإِذَا لَمْ يَدْخُلْ بِتِلْكَ الصِّفَةِ لَا يَسْتَحِقُّ النَّفَلَ. ثُمَّ هَذَا الْمَعْنَى الَّذِي قُلْنَا مُحْتَمَلٌ، وَالْمَعْنَى الْأَوَّلُ الَّذِي ذَكَرْنَا فِي وَجْهِ الِاسْتِحْسَانِ مُحْتَمَلٌ أَيْضًا. وَلَكِنْ لَا يَتَعَيَّنُ أَحَدُ الْمُحْتَمَلِينَ إلَّا بِالدَّلِيلِ. وَقَدْ وُجِدَ الدَّلِيلُ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ. وَهُوَ الْمُقَدِّمَةُ الَّتِي جَرَتْ، وَلَمْ يُوجَدْ الدَّلِيلُ فِي الْفَصْلِ الثَّانِي فَيَبْقَى الِاحْتِمَالُ، وَمَعَ الِاحْتِمَالِ لَا يَثْبُتُ الِاسْتِحْقَاقُ.
- وَلَوْ دَخَلَ مَعَ آخَرَ فَلَهُ رَأْسَانِ.
لِأَنَّهُ دَخَلَ ثَانِيًا كَمَا شَرَطَ عَلَيْهِ الْأَمِيرُ.
- وَلَوْ دَخَلَ ثَلَاثَةٌ هُوَ أَحَدُهُمْ لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا بِإِيجَابِ النَّفْلِ لَهُ إذَا دَخَلَ ثَانِيًا، فَإِنْ أَوْجَبَ لَهُ نَفْلًا إنْ دَخَلَ ثَالِثًا اسْتَحَقَّ ذَلِكَ.
لِأَنَّهُ ثَالِثٌ فِي الدُّخُولِ إذَا دَخَلَ مَعَ اثْنَيْنِ، كَمَا هُوَ ثَالِثٌ إذَا دَخَلَ بَعْدَهُمَا.
- وَلَوْ قَالَ لِلْقَوْمِ: مَنْ دَخَلَ مِنْكُمْ ثَانِيًا فَلَهُ رَأْسٌ. فَدَخَلَ وَاحِدٌ أَوَّلًا، لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute