للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لِأَنَّهُ أَوْجَبَ النَّفَلَ لِلثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ. فَإِنْ قِيلَ: فَأَيْنَ ذَهَبَ قَوْلُكُمْ إنَّ مَعْنَى الْعَنَاءِ وَالْقُوَّةِ فِي الدُّخُولِ أَوَّلًا أَكْثَرُ. فَإِنَّ هَذَا الرَّجُلَ قَدْ أَتَى بِأَفْضَلَ مِمَّا كَانَ شُرِطَ. قُلْنَا: نَعَمْ، وَلَكِنَّ هَذَا إنَّمَا يُعْتَبَرُ فِيمَا إذَا كَانَ الْإِيجَابُ لِشَخْصٍ بِعَيْنِهِ. فَأَمَّا إذَا كَانَ لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ فَلَا بُدَّ مِنْ اعْتِبَارِ الْوَصْفِ الَّذِي رُتِّبَ الْإِيجَابُ عَلَيْهِ. أَرَأَيْت لَوْ اسْتَحَقَّ هَذَا النَّفَلَ لِأَنَّهُ صَنَعَ خَيْرًا مِمَّا طُلِبَ مِنْهُ. ثُمَّ دَخَلَ الثَّانِي بَعْدَ ذَلِكَ، هَلْ يَسْتَحِقُّ شَيْئًا؟ فَلَا يَجُوزُ الْقَوْلُ بِأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ، لِأَنَّهُ أَتَى بِالْوَصْفِ الَّذِي أَوْجَبَ الْإِمَامُ النَّفَلَ بِهِ. وَإِذَا ثَبَتَ الِاسْتِحْقَاقُ لَهُ عَرَفْنَا أَنَّهُ لَا شَيْءَ لِلْأَوَّلِ. وَمِثْلُ هَذَا لَا يَتَحَقَّقُ فِيمَا إذَا كَانَ التَّنْفِيلُ لِمُعَيَّنٍ.

- وَلَوْ قَالَ لِثَلَاثَةِ نَفَرٍ بِأَعْيَانِهِمْ: مَنْ دَخَلَ مِنْكُمْ أَوَّلًا فَلَهُ ثَلَاثَةُ أَرْؤُسٍ. فَدَخَلَ رَجُلٌ مِنْهُمْ مَعَ رَجُلٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ مِنْ غَيْرِ الثَّلَاثَةِ. فَلِلدَّاخِلِ مِنْ الثَّلَاثَةِ ثَلَاثَةُ أَرْؤُسٍ.

لِأَنَّهُ أَوْجَبَ لَهُ النَّفَلَ عَلَى أَنْ يَكُونَ أَوَّلَ الثَّلَاثَةِ دُخُولًا. لَا عَلَى أَنْ يَكُونَ أَوَّلَ النَّاسِ دُخُولًا. وَهُوَ أَوَّلُ الثَّلَاثَةِ حِينَ لَمْ يَدْخُلْ مَعَهُ صَاحِبَاهُ. فَلَا يَبْطُلُ نَفْلُهُ بِدُخُولِ قَوْمٍ مَعَهُ مِنْ غَيْرِ الثَّلَاثَةِ.

- وَلَوْ كَانَ قَالَ: مَنْ دَخَلَ مِنْكُمْ قَبْلَ النَّاسِ فَلَهُ ثَلَاثَةُ أَرْؤُسٍ، وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا. لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ.

لِأَنَّهُ شَرَطَ أَنْ يَكُونَ مُنْفَرِدًا بِالدُّخُولِ، سَابِقًا عَلَى النَّاسِ كُلِّهِمْ. وَلَمْ يُوجَدْ حِينَ دَخَلَ مَعَهُ غَيْرُهُ. وَفِي الْأَوَّلِ شَرَطَ أَنْ يَكُونَ سَابِقًا عَلَى صَاحِبِهِ. وَقَدْ وُجِدَ ذَلِكَ.

<<  <   >  >>