للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فِي الْفَرَسِ بِالسُّنَّةِ، وَإِنَّمَا اتَّفَقَتْ الْأَخْبَارُ عَلَى اسْتِحْقَاقِ سَهْمٍ وَاحِدٍ بِالْفَرَسِ، فَيُتْرَكُ الْقِيَاسُ فِيهِ لِكَوْنِهِ مُتَيَقَّنًا. وَفِيمَا تَعَارَضَ فِيهِ الْأَثَرُ يُؤْخَذُ بِأَصْلِ الْقِيَاسِ.

وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ لِلْفَارِسِ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ: سَهْمٌ لَهُ وَسَهْمَانِ لِفَرَسِهِ. وَهُوَ قَوْلُ أَهْلِ الْحِجَازِ وَأَهْلِ الشَّامِ.

قَالَ مُحَمَّدٌ: وَلَيْسَ فِي هَذَا تَفْضِيلُ الْبَهِيمَةِ عَلَى الْآدَمِيِّ. فَإِنَّ السَّهْمَيْنِ لَا يُعْطَيَانِ لِلْفَرَسِ، وَإِنَّمَا يُعْطَيَانِ لِلْفَارِسِ. فَيَكُونُ فِي هَذَا تَفْضِيلُ الْفَارِسِ عَلَى الرَّاجِلِ. وَذَلِكَ ثَابِتٌ بِالْإِجْمَاعِ. ثُمَّ هُوَ يَسْتَحِقُّ أَحَدَ السَّهْمَيْنِ بِالْتِزَامِ مُؤْنَةِ فَرَسِهِ وَالْقِيَامِ بِتَعَاهُدِهِ، وَالسَّهْمَ الْآخَرَ لِقِتَالِهِ عَلَى فَرَسِهِ، وَالسَّهْمَ الثَّالِثَ لِقِتَالِهِ بِبَدَنِهِ. وَقَالَ: أُرَجِّحُ هَذَا الْقَوْلَ لِأَنَّهُ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ فَرِيقَانِ، وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّهُ يُرَجِّحُ بِهَذَا فِي مَسَائِلِ الْكِتَابِ، وَعَلَّلَ فِيهِ فَقَالَ: لِأَنَّهُ أَقْوَى مِمَّا تَفَرَّدَ بِهِ فَرِيقٌ وَاحِدٌ. يَعْنِي طُمَأْنِينَةَ الْقَلْبِ إلَى مَا اجْتَمَعَ عَلَيْهِ فَرِيقَانِ أَظْهَرُ. وَهُوَ نَظِيرُ مَا قَالَ فِي الِاسْتِحْقَاقِ إذَا أَخْبَرَ مُخْبِرٌ بِنَجَاسَةِ الْمَاءِ، وَأَخْبَرَ اثْنَانِ بِطَهَارَتِهِ، فَإِنَّهُ يُؤْخَذُ بِقَوْلِ الِاثْنَيْنِ، لِأَنَّ طُمَأْنِينَةَ الْقَلْبِ فِي خَبَرِ الِاثْنَيْنِ أَظْهَرُ.

ثُمَّ بَيَّنَ أَنَّ الْآثَارَ جَاءَتْ صَحِيحَةً مَشْهُورَةً لِكُلِّ قَوْلٍ. وَرَوَى

<<  <   >  >>