الْأَخْبَارَ بِالْأَسَانِيدِ فِي الْكِتَابِ فَالْحَاجَةُ إلَى التَّوْفِيقِ وَالتَّرْجِيحِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْفَرِيقَيْنِ.
فَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَقَالَ: أُوَفِّقُ بَيْنَ الْأَخْبَارِ فَأَحْمِلُ مَا رُوِيَ أَنَّهُ أَعْطَى الْفَرَسَ سَهْمَيْنِ عَلَى أَنَّ أَحَدَ السَّهْمَيْنِ لِلْفَارِسِ لِفَرَسِهِ وَالْآخَرَ كَانَ مِنْ الْخُمْسِ لِحَاجَتِهِ، أَوْ كَانَ نَفَلَ لَهُ ذَلِكَ قَبْلَ الْإِصَابَةِ، أَوْ الْمُرَادُ بِذِكْرِ الْفَرَسِ الْفَارِسُ لِعِلْمِنَا أَنَّهُ إنَّمَا أَعْطَى الْفَارِسَ، وَعَلَيْهِ حُمِلَ حَدِيثُ خَيْبَرَ فِي قَوْلِهِ: «وَكَانَتْ الرِّجَالُ أَلْفًا وَأَرْبَعَ مِائَةٍ، وَالْخَيْلُ مِائَتَيْ فَرَسٍ» فَقَالَ: الْمُرَادُ بِالرِّجَالِ الرَّجَّالَةُ وَبِالْخَيْلِ الْفُرْسَانُ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ} [الإسراء: ٦٤] أَيْ بِفُرْسَانِك وَرَجَّالَتِك. وَوَجْهُ التَّرْجِيحِ أَنَّ السَّهْمَيْنِ لِلْفَارِسِ مُتَيَقَّنٌ بِهِ لِاتِّفَاقِ الْآثَارِ عَلَيْهِ. وَفِيمَا يَكُونُ مُسْتَحَقًّا بِخِلَافِ الْقِيَاسِ لَا يَثْبُتُ إلَّا الْمُتَيَقَّنُ بِهِ، وَهُمَا قَالَا: الْمُثَبِّتُ لِلزِّيَادَةِ مِنْ الْأَخْبَارِ أَوْلَى مِنْ النَّافِي.
وَوَجْهُ التَّوْفِيقِ أَنَّ الْمُرَادَ بِمَا يُرْوَى أَنَّهُ أَعْطَى الْفَارِسَ سَهْمَيْنِ بَيَانُ مَا فُضِّلَ الْفَارِسُ بِهِ عَلَى الرَّاجِلِ، لَا بَيَانُ جُمْلَةِ مَا أَعْطَاهُ.
ثُمَّ ذَكَرَ حَدِيثَ قِسْمَةِ غَنَائِمِ خَيْبَرَ أَنَّهَا كَانَتْ عَلَى ثَمَانِيَةَ عَشَرَ، وَقَالَ فِي آخِرِ ذَلِكَ الْحَدِيثِ: وَلَمْ يَكُنْ قَسَمَهَا النَّبِيُّ، إنَّمَا كَانَتْ فَوْضَى، وَكَانَ الَّذِي قَسَمَهَا وَأَرَّفَهَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute