إذْ الِاسْتِحْقَاقُ بِالْقِتَالِ عَلَى الْفَرَسِ، وَأَهْلُ الْعِلْمِ بِالْحَرْبِ يَقُولُونَ: الْبِرْذَوْنُ أَفْضَلُ فِي الْقِتَالِ عِنْدَ اللِّقَاءِ مِنْ الْفَرَسِ. فَإِنَّهُ أَلْيَنُ عَطْفًا وَأَشَدُّ مُتَابَعَةً لِصَاحِبِهِ عَلَى مَا يُرِيدُ، وَأَصْبَرُ فِي الْقِتَالِ. فَمَا يَفْضُلُهَا الْعَرَّابُ إلَّا لِلطَّلَبِ وَالْهَرَبِ. فَفِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نَوْعُ زِيَادَةٍ فِيمَا هُوَ مِنْ أَمْرِ الْقِتَالِ، فَيَسْتَوِيَانِ، إذْ الِاسْتِحْقَاقُ بِالْتِزَامِ مُؤْنَةِ الْفَرَسِ، وَمُؤْنَةُ الْبِرْذَوْنِ لَا تَكُونُ دُونَ مُؤْنَةِ الْفَرَسِ.
١٦٠٠ - فَأَمَّا أَهْلُ الشَّامِ فَيَقُولُونَ: لَا سَهْمَ لِلْبِرْذَوْنِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُقَارِبًا لِلْفَرَسِ وَيَسْتَدِلُّونَ فِي ذَلِكَ بِمَا رُوِيَ أَنَّ أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيَّ كَتَبَ إلَى عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: أَمَّا بَعْدُ. فَإِنَّا أَصَبْنَا مِنْ خَيْلِ الْقَوْمِ خَيْلًا دُكًّا عِرَاضًا، فَمَا يَرَى أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ فِي إسْهَامِهَا؟ فَكَتَبَ إلَيْهِ: إنَّ ذَلِكَ يُسَمَّى الْبَرَاذِينَ، فَانْظُرْ، فَمَا كَانَ مِنْهَا مُقَارِبًا لِلْخَيْلِ فَأَسْهِمْهَا سَهْمًا، وَأَلْغِ مَا سِوَاهَا. وَهَكَذَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَإِنَّهُ قَالَ لِعَامِلِهِ: فَإِنْ كَانَ بِرْذَوْنًا رَائِعَ الْجَرْيِ وَالْمَنْظَرِ فَأَسْهِمْ لَهُ، وَلَا تُسْهِمْ لِمَا سِوَى ذَلِكَ.
وَأُتِيَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ بِهَجِينٍ. فَقَالَ: لَأَنْ أَسْتَفَّ التُّرَابَ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ أَنْ أَقْسِمَ لَهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute