للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَعَنْ كُلْثُومِ بْنِ الْأَقْمَرِ قَالَ: أَغَارَتْ الْخَيْلُ بِالشَّامِ فَأَدْرَكْتُ الْعِرَابَ مِنْ يَوْمِهَا، وَأَدْرَكْت الكودان ضُحَى الْغَدِ وَعَلَيْهِمْ الْمُنْذِرُ بْنُ أَبِي حِمَّصَةَ الْوَادِعِيُّ. فَقَالَ: لَا أَجْعَلُ مَا أُدْرِكَ سَابِقًا كَمَا لَا يُدْرَكُ. فَكَتَبَ بِذَلِكَ إلَى عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَكَتَبَ إلَيْهِ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: هَبِلَتْ الْوَادِعِيَّ أُمُّهُ لَقَدْ أَذْكَتْ بِهِ، أَيْ أَتَتْ بِهِ ذَكِيًّا.

وَفِي رِوَايَةٍ: لَقَدْ أَذَكَرَتْهُ. أَيْ أَتَتْ بِهِ ذَكَرًا. فَامْضُوهَا عَلَى مَا قَالَ. إلَّا أَنَّا نَقُولُ: هَذِهِ الْآثَارُ تُحْمَلُ عَلَى مَا لَا يَكُونُ صَالِحًا لِلْقِتَالِ مِمَّا يُعَدُّ لِحَمْلِ الْأَمْتِعَةِ عَلَيْهِ دُونَ الْقِتَالِ بِهِ.

وَقَدْ نُقِلَ ذَلِكَ مُفَسَّرًا عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: مَا كَانَ مِنْ فَرَسٍ ضَرْعٍ أَوْ بَغْلٍ فَاجْعَلُوا صَاحِبَهُ بِمَنْزِلَةِ الرَّجَّالَةِ.

ثُمَّ فِي حَدِيثِ الْمُنْذِرِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْإِسْهَامَ لِلْبَرَاذِينِ كَانَ مَعْرُوفًا بَيْنَهُمْ. فَإِنَّ عُمَرَ تَعَجَّبَ مِنْ صَنِيعِهِ، وَمَا تَعَجَّبَ إلَّا لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ صَنَعَ ذَلِكَ قَبْلَ هَذَا. ثُمَّ الْمُنْذِرُ كَانَ عَامِلًا فَحَكَمَ فِيمَا هُوَ مُجْتَهِدٌ فِيهِ، وَأَمْضَى عُمَرُ حُكْمَهُ لِهَذَا، لَا لِأَنَّ رَأْيَهُ كَانَ مُوَافِقًا لِذَلِكَ. وَنَحْنُ هَكَذَا نَقُولُ: إنَّ الْحَاكِمَ إذَا قَضَى فِي الْمُجْتَهَدِ بِشَيْءٍ فَلَيْسَ لِمَنْ بَعْدَهُ مِنْ الْحُكَّامِ أَنْ يُبْطِلَ ذَلِكَ.

- ثُمَّ قَالَ: بَعْضُ أَهْلِ الشَّامِ: يُسْهِمُ لِلْبِرْذَوْنِ سَهْمًا وَلِلْفَرَسِ سَهْمَيْنِ. وَهَكَذَا ذُكِرَ قَبْلَ ذَلِكَ (ص ٢٩٣) مُفَسَّرًا فِي حَدِيثِ الْمُنْذِرِ.

<<  <   >  >>