عَسْكَرِ الْمُسْلِمِينَ وَبَيْنَهُمْ شَيْءٌ يَسِيرٌ مِثْلُ عَرْضِ الدِّجْلَةِ، فَرَكِبَ الْمُسْلِمُونَ فِي السُّفُنِ حَتَّى أَصَابُوا غَنَائِمَ، فَإِنَّ مَنْ فِي الْمُعَسْكَرِ يُشَارِكُهُمْ فِيهَا إذَا رَجَعُوا إلَيْهِمْ (ص ٣٠٥) ، فَكَذَلِكَ فِي الْأَوَّلِ.
- وَعَلَى هَذَا لَوْ دَخَلَ الْمُسْلِمُونَ غَيْضَةً فِي دَارِ الْإِسْلَامِ مِثْلَ غِيَاضِ طَبَرِسْتَانَ، فَلَمْ يَقْدِرْ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنْ يَدْخُلُوهَا عَلَى الْخَيْلِ، فَدَخَلُوهَا رَجَّالَةً، وَقَاتَلُوا الْعَدُوَّ قَرِيبًا مِنْ مُعَسْكَرِهِمْ حَيْثُ يَسْمَعُونَ صَهِيلَ خُيُولِهِمْ، فَإِنَّ أَهْلَ الْعَسْكَرِ شُرَكَاؤُهُمْ فِيمَا غَنِمُوا، وَلِأَصْحَابِ الْخَيْلِ سَهْمُ الْفُرْسَانِ. لِأَنَّ الْكُلَّ، لِلْقُرْبِ مِنْ مَوْضِعِ الْقِتَالِ، كَالْحُضُورِ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ.
- وَإِنْ أَمْعَنُوا فِي الْغَيْضَةِ عَلَى إثْرِ الْعَدُوِّ حَتَّى اقْتَتَلُوا فِي مَوْضِعٍ لَوْ طَلَبُوا الْغِيَاثَ لَمْ يُغِثْهُمْ أَصْحَابُهُمْ فَلَا شَرِكَةَ لِمَنْ فِي الْمُعَسْكَرِ مَعَهُمْ فِي الْمُصَابِ. لِأَنَّهُمْ لَمْ يَشْهَدُوا الْوَقْعَةَ حَقِيقَةً وَلَا حُكْمًا لِبُعْدِهِمْ مِنْ مَوْضِعِ الْقِتَالِ.
- وَكَذَلِكَ لَوْ تَحَصَّنَ الْمُسْلِمُونَ فِي قَلْعَةٍ فِي أَرْضِ الْإِسْلَامِ. أَوْ فِي جَبَلٍ لَا تَقْدِرُ الْخَيْلُ عَلَى صُعُودِ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ، أَوْ تَحَصَّنُوا فِي حِصْنٍ وَجَعَلُوا الْمَاءَ فِي الْخَنْدَقِ، حَتَّى صَارَ مَا حَوْلَ الْمَدِينَةِ شَبَهَ الْبُحَيْرَةِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute