فَرَكِبُوا السُّفُنَ حَتَّى انْتَهَوْا إلَى الْحِصْنِ، وَصَعِدُوا الْقَلْعَةَ رَجَّالَةً حَتَّى فَتَحُوا الْقَلْعَةَ، وَأَصَابُوا الْغَنَائِمَ، فَإِنَّ أَهْلَ الْعَسْكَرِ شُرَكَاؤُهُمْ فِيهَا، وَلِأَصْحَابِ الْخَيْلِ سَهْمُ الْفُرْسَانِ.
لِأَنَّ الَّذِينَ ظَفِرُوا بِالْعَدُوِّ إنَّمَا ظَفِرُوا بِقُوَّةِ أَهْلِ الْعَسْكَرِ حِينَ كَانُوا بِالْقُرْبِ مِنْهُمْ.
- إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُعَسْكَرُ نَائِيًا عَنْ الْقَلْعَةِ وَالْحِصْنِ بِحَيْثُ لَا يُغِيثُونَهُمْ وَلَا يَكُونُونَ رِدْءًا لَهُمْ، فَحِينَئِذٍ لَا شَرِكَةَ مَعَهُمْ لِأَهْلِ الْعَسْكَرِ.
لِأَنَّ تَمَكُّنَهُمْ مِنْ الْإِصَابَةِ بِقُوَّةِ أَنْفُسِهِمْ لَا بِقُوَّةِ مَنْ فِي الْمُعَسْكَرِ، وَالْإِصَابَةُ تَتِمُّ قَبْلَ الرُّجُوعِ إلَى الْمُعَسْكَرِ هَاهُنَا، وَتَصِيرُ الْغَنِيمَةُ مُحْرَزَةً بِدَارِ الْإِسْلَامِ فَلَا يُشَارِكُونَهُمْ فِيهَا. أَلَا تَرَى أَنَّهُمْ لَوْ فَعَلُوا هَذَا فِي دَارِ الْحَرْبِ ثُمَّ لَمْ يَرْجِعُوا إلَى الْمُعَسْكَرِ، وَلَكِنَّهُمْ خَرَجُوا مِنْ جَانِبٍ آخَرَ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ، فَإِنَّ أَهْلَ الْمُعَسْكَرِ لَا يُشَارِكُونَهُمْ فِيهَا، إلَّا إذَا كَانُوا بِالْقُرْبِ مِنْهُمْ. حِينَ اقْتَتَلُوا وَأَصَابُوا عَلَى وَجْهٍ لَوْ اسْتَغَاثُوا بِهِمْ أَغَاثُوهُمْ؟ فَكَذَلِكَ إذَا كَانَ الْقِتَالُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ. إلَّا أَنَّ فِي دَارِ الْحَرْبِ مَنْ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ السَّرِيَّةِ خَلَّفَ فَرَسَهُ فِي الْمُعَسْكَرِ اسْتَحَقَّ سَهْمَ الْفُرْسَانِ، وَإِنْ كَانَتْ الْإِصَابَةُ بَعْدَ مَا بَعِدُوا مِنْ الْمُعَسْكَرِ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْقِتَالُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ، لِأَنَّ هُنَاكَ سَبَبَ الِاسْتِحْقَاقِ لَهُ قَدْ انْعَقَدَ بِمُجَاوَزَةِ الدَّرْبِ فَارِسًا. أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ نَفَقَ فَرَسُهُ اسْتَحَقَّ سَهْمَ الْفُرْسَانِ؟ فَكَذَلِكَ إذَا خَلَّفَهُ فِي الْمُعَسْكَرِ، وَلَكِنَّ هَذَا الْمَعْنَى غَيْرُ مُعْتَبَرٍ فِي حَقِّ الْمُسْتَحِقِّ. أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْ الْجُنْدِ فِي دَارِ الْحَرْبِ لَمْ يُضْرَبْ لَهُ بِسَهْمٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute