لِأَنَّهُ كَانَ رَاجِلًا حِينَ انْعَقَدَ لَهُ سَبَبُ الِاسْتِحْقَاقِ بِدُخُولِ دَارِ الْحَرْبِ، إذَا لَمْ يَكُنْ فِي يَدِهِ فَرَسٌ يَتَمَكَّنُ مِنْ الْقِتَالِ عَلَيْهِ إنْ لَوْ احْتَاجَ إلَيْهِ، وَقَدْ أُثْبِتَ اسْمُهُ فِي دِيوَانِ الرَّجَّالَةِ، فَلَا يَتَغَيَّرُ حَالُهُ بَعْدَ ذَلِكَ بِعَوْدِ الْفَرَسِ إلَى يَدِهِ، وَتَمَكُّنِهِ مِنْ الْقِتَالِ عَلَيْهِ فِي دَارِ الْحَرْبِ. بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ اشْتَرَى فَرَسًا. وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَهُ سَهْمُ الْفُرْسَانِ. لِأَنَّهُ الْتَزَمَ مُؤْنَةَ الْفَرَسِ لِلْقِتَالِ عَلَيْهِ، حِينَ خَرَجَ مِنْ أَهْلِهِ فَارِسًا وَقَاتَلَ وَهُوَ فَارِسٌ أَيْضًا، فَلَا يُحْرَمُ سَهْمَهُ بِعَارِضِ غَصْبٍ فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ، يُزِيلُ تَمَكُّنَهُ مِنْ الْقِتَالِ عَلَيْهِ، كَمَا لَوْ مَرِضَ فَرَسُهُ. أَرَأَيْت أَنَّهُ لَوْ بَقِيَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ دُخُولِ دَارِ الْحَرْبِ مِقْدَارُ نِصْفِ مِيلٍ، فَنَزَلَ لِيَقْضِيَ حَاجَتَهُ، فَاسْتَوَى رَاجِلٌ عَلَى فَرَسِهِ فَأَدْخَلَهُ دَارَ الْحَرْبِ، ثُمَّ دَخَلَ صَاحِبُ الْفَرَسِ عَلَى إثْرِهِ فَأَخَذَهُ مِنْهُ، أَكَانَ يُحْرَمُ سَهْمَ الْفَرَسِ بِهَذَا الْمِقْدَارِ؟
أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّهُ عَارَ الْفَرَسُ حِينَ نَزَلَ لِقَضَاءِ حَاجَتِهِ وَدَخَلَ دَارَ الْحَرْبِ، فَاتَّبَعَهُ الرَّجُلُ فَأَخَذَهُ، أَكَانَ يُحْرَمُ سَهْمَ الْفَرَسِ؟ أَرَأَيْت لَوْ أَنَّهُ حِينَ عَارُ الْفَرَسُ أَخَذَهُ مُسْلِمٌ فَرَكِبَهُ أَوْ لَمْ يَرْكَبْهُ، حَتَّى دَخَلَ دَارَ الْحَرْبِ، ثُمَّ وَجَدَ صَاحِبَهُ فَأَخَذَهُ مِنْهُ، أَكَانَ يُحْرَمُ سَهْمَ الْفَرَسِ؟ لَا يَسْتَجِيزُ أَحَدٌ أَنْ يَقُولَ: بِهَذَا الْقَدْرِ يُحْرَمُ سَهْمَ الْفَرَسِ. فَكَذَلِكَ الْأَوَّلُ، وَلَكِنَّهُ إنْ مَرَّ بِاَلَّذِي يَعْرِضُهُمْ وَهُوَ رَاجِلٌ وَأَخْبَرَهُ هَذَا الْخَبَرَ لَمْ يُصَدِّقْهُ عَلَى قَوْلِهِ، وَكَتَبَهُ رَاجِلًا، لِأَنَّهُ يَعْلَمُهُ رَاجِلًا حَقِيقَةً، وَمَا أَخْبَرَ بِهِ مُحْتَمِلٌ لِلصِّدْقِ وَالْكَذِبِ، فَلَا يَدَعُ الْحَقِيقَةَ لِأَجْلِهِ. فَإِنْ كَتَبَهُ رَاجِلًا ثُمَّ مَرَّ بِهِ فِي الْعَرْضِ الثَّانِي وَهُوَ فَارِسٌ، فَقَالَ: هَذَا الْفَرَسُ الَّذِي كُنْت أَخْبَرْتُكَ خَبَرَهُ، لَمْ يُصَدِّقْهُ بِقَوْلِهِ، لِأَنَّهُ يَدَّعِي اسْتِحْقَاقَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute