للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سَهْمِ الْفَرَسِ بِسَبَبٍ لَمْ يُعْرَفْ. وَالِاسْتِحْقَاقُ بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ لَا يَثْبُتُ، فَيَحْتَاجُ إلَى إقَامَةِ (ص ٣٠٧) الْبَيِّنَةِ عَلَى مَنْ ادَّعَى مِنْ ذَلِكَ. وَإِذَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ كَانَ الثَّابِتُ بِالْبَيِّنَةِ كَالثَّابِتِ بِالْمُعَايَنَةِ.

- وَلَوْ أَنَّ الْغَاصِبَ حِينَ أَدْخَلَ فَرَسَ الْغَازِي دَارَ الْحَرْبِ قَاتَلَ عَلَيْهِ حَتَّى غَنِمَ الْمُسْلِمُونَ وَخَرَجُوا، فَإِنَّهُ يُضْرَبُ لَهُ فِي الْغَنِيمَةِ بِسَهْمِ الْفَارِسِ.

لِأَنَّهُ الْتَزَمَ مُؤْنَةَ الْفَرَسِ لِلْقِتَالِ عَلَيْهِ وَحَقَّقَ ذَلِكَ بِالْقِتَالِ، فَإِنَّ مُؤْنَةَ الْمَغْصُوبِ عَلَى الْغَاصِبِ مَا لَمْ يَرُدَّهُ.

- وَلَا فَرْقَ فِي التَّمَكُّنِ مِنْ الْقِتَالِ حِسًّا بَيْنَ الْفَرَسِ الْمَغْصُوبِ وَالْفَرَسِ الْمَمْلُوكِ لَهُ. ثُمَّ يُرَدُّ الْفَرَسُ إلَى صَاحِبِهِ وَيَغْرَمُ لَهُ مَا نَقَصَ إنْ كَانَ نَقَصَهُ شَيْءٌ. لِأَنَّ مَا اسْتَحَقَّ مِنْ السَّهْمِ إنَّمَا اسْتَحَقَّهُ لِقِتَالِهِ عَلَى الْفَرَسِ، فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ أَجَّرَ الْمَغْصُوبَ وَأَخَذَ الْأَجْرَ، فَإِنَّهُ يَكُونُ مَمْلُوكًا لَهُ وَلَيْسَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ عَلَى الْأَجْرِ سَبِيلٌ، وَإِنَّمَا لَهُ نُقْصَانُ الْفَرَسِ إنْ تَمَكَّنَ فِيهِ نُقْصَانٌ، فَهَذَا مِثْلُهُ. وَلَا يُضْرَبُ لِصَاحِبِ الْفَرَسِ فِي الْغَنِيمَةِ إلَّا بِسَهْمِ رَاجِلٍ. لِأَنَّهُ مَا كَانَ مُتَمَكِّنًا مِنْ الْقِتَالِ عَلَى الْفَرَسِ فِي مَوْضِعٍ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ، وَلِأَنَّ بِالْفَرَسِ الْوَاحِدِ لَا يَسْتَحِقُّ رَجُلَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السَّهْمَ الْكَامِلَ، وَقَدْ اسْتَحَقَّ الْغَاصِبُ السَّهْمَ بِهَذَا الْفَرَسِ، فَلَا يَسْتَحِقُّ الْمَالِكُ بِهِ شَيْئًا.

- وَلَوْ كَانَ غَصَبَهُ مِنْهُ بَعْدَ مَا دَخَلَ دَارَ الْحَرْبِ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا، فَلِصَاحِبِ الْفَرَسِ سَهْمُ فَارِسٍ.

<<  <   >  >>