للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْفَرَسِ لَمَّا كَانَ فَارِسًا فِي هَذِهِ الْغَنِيمَةِ بِهَذَا الْفَرَسِ لَمْ يَكُنْ غَيْرُهُ فَارِسًا بِهَا، وَلِأَنَّ الْفَرَسَ أُخِذَ مِنْ يَدِهِ بِحَقٍّ مُسْتَحَقٍّ كَانَ سَابِقًا عَلَى دُخُولِهِ دَارَ الْحَرْبِ. وَلَوْ أُخِذَ بِحَقٍّ مُسْتَحَقٍّ اعْتَرَضَ بَعْدَ دُخُولِهِ بِأَنْ بَاعَهُ يَخْرُجُ مِنْ أَنْ يَكُونَ فَارِسًا فِيمَا يُصَابُ بَعْدَ ذَلِكَ، فَهَاهُنَا أَوْلَى. وَكَذَلِكَ إنْ لَقُوا قِتَالًا فَقَاتَلَ صَاحِبُ الْفَرَسِ عَنْ الْغَنَائِمِ الْأُولَى بَعْدَمَا اسْتَرَدَّ فَرَسَهُ، فَإِنَّهُ لَا يُضْرَبُ لَهُ فِيهَا إلَّا بِسَهْمِ رَاجِلٍ، لِأَنَّ حَقَّهُ كَانَ ثَابِتًا فِي الْغَنَائِمِ الْأُولَى بِقَدْرِ سَهْمِ رَاجِلٍ، فَهُوَ مَا قَاتَلَ إلَّا دَفْعًا عَنْ ذَلِكَ الْحَقِّ، فَلَا يَزْدَادُ بِهِ حَقُّهُ (ص ٣٠٨) وَلَا يَبْطُلُ مَا كَانَ مُسْتَحَقًّا لِلْغَاصِبِ مِنْ سَهْمِ فَرَسِهِ.

- وَلَوْ كَانَ صَاحِبُ الْفَرَسِ حِينَ جَاءَ يُرِيدُ دُخُولَ دَارِ الْحَرْبِ أَعَارَ مُسْلِمًا فَرَسَهُ وَقَالَ: قَاتِلْ عَلَيْهِ فِي دَارِ الْحَرْبِ. فَلَمَّا أَدْخَلَهُ الْمُسْتَعِيرُ دَارَ الْحَرْبِ بَدَا لِلْمُعِيرِ فَأَخَذَهُ مِنْهُ قَبْلَ إصَابَةِ الْغَنِيمَةِ أَوْ بَعْدَهَا، فَلِصَاحِبِ الْفَرَسِ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ سَهْمُ رَاجِلٍ.

لِأَنَّهُ أَزَالَ الْفَرَسَ عَنْ يَدِهِ بِاخْتِيَارِهِ قَبْلَ مُجَاوَزَةِ الدَّرْبِ، وَإِنَّمَا انْعَقَدَ لَهُ سَبَبُ الِاسْتِحْقَاقِ عِنْدَ مُجَاوَزَةِ الدَّرْبِ وَهُوَ رَاجِلٌ، ثُمَّ لَا يَتَغَيَّرُ بَعْدَ ذَلِكَ بِاسْتِرْدَادِ الْفَرَسِ، كَمَا لَا يَتَغَيَّرُ بِشِرَاءِ الْفَرَسِ. وَلَيْسَ هَذَا نَظِيرَ مَا اسْتَحْسَنَّا فِيهِ مِنْ فَصْلِ الْغَصْبِ، فَإِنَّ هُنَاكَ مَا أَزَالَ يَدَهُ بِاخْتِيَارِهِ، وَبَيْنَهُمَا فَرْقٌ. أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ دَخَلَ دَارَ الْحَرْبِ فَارِسًا ثُمَّ أَخَذَ الْمُشْرِكُونَ فَرَسَهُ اسْتَحَقَّ سَهْمَ الْفُرْسَانِ؟ وَلَوْ بَاعَ فَرَسَهُ لَمْ يَسْتَحِقَّ سَهْمَ الْفُرْسَانِ. وَمَا كَانَ الْفَرْقُ إلَّا بِهَذَا، أَنَّ تَمَكُّنَهُ فِي أَحَدِ الْمَوْضِعَيْنِ زَالَ فِي أَحَدِ الْمَوْضِعَيْنِ لَا بِاخْتِيَارِهِ. وَفِي الْمَوْضِعِ الْآخَرِ أَزَالَهُ بِاخْتِيَارِهِ.

<<  <   >  >>