للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثُمَّ أَعَارَهُ غَيْرَهُ. فَلَمْ يَزَلْ مَعَهُ يُقَاتِلُ عَلَيْهِ حَتَّى نَفَقَ وَقَدْ أَصَابَ الْمُسْلِمُونَ غَنَائِمَ قَبْلَ ذَلِكَ وَبَعْدَهُ، فَلِصَاحِبِ الْفَرَسِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ سَهْمُ فَارِسٍ.

لِأَنَّهُ دَخَلَ دَارَ الْحَرْبِ مُلْتَزِمًا مُؤْنَةَ الْفَرَسِ لِلْقِتَالِ عَلَيْهِ، فَإِنَّ بِإِعَارَتِهِ الْفَرَسَ مِنْ غَيْرِهِ لِلْقِتَالِ بَعْدَ مَا دَخَلَ دَارَ الْحَرْبِ لَا يَخْرُجُ مِنْ أَنْ يَكُونَ قَصْدُهُ الْقِتَالَ عَلَى الْفَرَسِ، بِخِلَافِ مَا إذَا بَاعَهُ، فَإِنَّهُ يَتَبَيَّنُ بِالْبَيْعِ أَنَّ قَصْدَهُ كَانَ التِّجَارَةَ لَا الْقِتَالَ عَلَيْهِ. وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ لِلْمُعِيرِ سَهْمَ الْفَارِسِ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ ثَبَتَ أَنَّ لِلْمُسْتَعِيرِ سَهْمَ الرَّجَّالَةِ، لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ بِالْفَرَسِ الْوَاحِدِ فَارِسَانِ، وَلِأَنَّ اسْتِعَارَةَ الْفَرَسِ فِي دَارِ الْحَرْبِ لَا تَكُونُ فَوْقَ شِرَاءِ الْفَرَسِ.

١٧٠٠ - وَلَوْ لَمْ يَدْخُلْ صَاحِبُ الْفَرَسِ دَارَ الْحَرْبِ حَتَّى أَعَادَ فَرَسَهُ لِيَرْكَبَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُقَاتِلَ عَلَيْهِ، فَرَكِبَهُ حَتَّى دَخَلَ أَرْضَ الْحَرْبِ، ثُمَّ رَدَّهُ عَلَى صَاحِبِهِ، فَصَاحِبُ الْفَرَسِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ فَارِسٌ. لِأَنَّهُ دَخَلَ دَارَ الْحَرْبِ وَهُوَ مُتَمَكِّنٌ (ص ٣٠٩) مِنْ الْقِتَالِ عَلَى الْفَرَسِ. إنْ لَوْ احْتَاجَ إلَيْهِ، فَإِنَّهُ يَسْتَرِدُّهُ مِنْ الْمُسْتَعِيرِ مَتَى شَاءَ. وَقَدْ اسْتَرَدَّهُ وَقَاتَلَ فَارِسًا فَيَسْتَحِقُّ سَهْمَ الْفُرْسَانِ. وَالْمُسْتَعِيرُ رَاجِلٌ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ.

لِأَنَّهُ مَا كَانَ مُتَمَكِّنًا مِنْ الْقِتَالِ عَلَى الْفَرَسِ عِنْدَ مُجَاوَزَةِ الدَّرْبِ، فَإِنَّهُ اسْتِعَارَةٌ لِلرُّكُوبِ لَا لِلْقِتَالِ عَلَيْهِ. بِخِلَافِ الْأَوَّلِ، فَإِنَّ هُنَاكَ إذَا قَاتَلَ حَتَّى أُصِيبَتْ الْغَنَائِمُ قَبْلَ الرَّدِّ اسْتَحَقَّ سَهْمَ الْفُرْسَانِ، لِكَوْنِهِ مُتَمَكِّنًا مِنْ الْقِتَالِ عَلَى الْفَرَسِ. وَبِهَذَا يَتَّضِحُ الْفَرْقُ أَيْضًا فِي حَقِّ الْمُعِيرِ. فَإِنَّ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ الْمُسْتَعِيرَ

<<  <   >  >>