للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَغَنَائِمَ بَعْدَ ذَلِكَ. فَلَهُمْ سَهْمُ الْفُرْسَانِ فِيمَا أُصِيبَ قَبْلَ أَخْذِ الْأَفْرَاسِ مِنْهُمْ، وَلَهُمْ سَهْمُ الرَّجَّالَةِ فِيمَا أُصِيبَ بَعْدَ ذَلِكَ. وَالْمُرَادُ بِالْأَفْرَاسِ الْحُبْسُ الْمَوْقُوفَةُ لِلْجِهَادِ. وَذَلِكَ جَائِزٌ. أَمَّا عَلَى أَصْلِ مُحَمَّدٍ فَظَاهِرٌ، لِأَنَّهُ يُجِيزُ الْوَقْفَ فِي الْمَنْقُولَاتِ. وَعَلَى أَصْلِ أَبِي يُوسُفَ كَذَلِكَ فِيمَا فِيهِ عُرْفٌ ظَاهِرٌ، كَثِيَابِ الْجِنَازَةِ وَالْآلَاتِ الَّتِي يُغَسَّلُ بِهَا الْمَوْتَى، فَكَذَلِكَ يَجُوزُ فِي الْأَفْرَاسِ الَّتِي يُقَاتَلُ عَلَيْهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ. وَالْأَصْلُ فِيهِ مَا رَوَى عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ حِينَ قُبِضَ، كَانَ فِي يَدِهِ ثَلَاثُ مِائَةِ فَرَسٍ مَكْتُوبٍ عَلَى أَفْخَاذِهَا: حُبْسٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ. ثُمَّ الْغَازِي عَلَى مِثْلِ هَذَا الْفَرَسِ قَدْ دَخَلَ دَارَ الْحَرْبِ وَهُوَ مُتَمَكِّنٌ مِنْ الْقِتَالِ عَلَى الْفَرَسِ، وَدَامَ تَمَكُّنُهُ إلَى أَنْ أُصِيبَتْ الْغَنَائِمُ، فَيَسْتَحِقُّ سَهْمَ الْفَرَسِ بِمَنْزِلَةِ الْمُسْتَعِيرِ. ثُمَّ أُخِذَ الْفَرَسُ مِنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ بِحَقٍّ مُسْتَحَقٍّ، فَلَا يَبْقَى فَارِسًا فِيمَا يُصَابُ بَعْدَ ذَلِكَ كَالْمُسْتَعِيرِ. وَيَسْتَوِي إنْ كَانَ الْقَيِّمُ هُوَ الَّذِي يَسْتَرِدُّهُ مِنْهُ فِي دَارِ الْحَرْبِ أَوْ الْوَاقِفُ. ثُمَّ لَا يَصِيرُ الْوَاقِفُ وَلَا الْقَيِّمُ بِهِ فَارِسًا. لِأَنَّهُ إنَّمَا اسْتَرَدَّهُ فِي دَارِ الْحَرْبِ، وَهَذَا لَا يَكُونُ أَقْوَى فِي حَقِّهِ مِنْ شِرَاءِ الْفَرَسِ، فَكَذَلِكَ إنْ دَفَعَهُ إلَى رَاجِلٍ آخَرَ لَمْ يَصِرْ بِهِ فَارِسًا، كَمَا لَوْ اشْتَرَاهُ فِي دَارِ الْحَرْبِ.

<<  <   >  >>